مرهف سلات.. متطوع في الخوذ البيضاء واجه الموت و لم ينكسر

"قف يا أبي ...فما خُلقتَ كي تنكسر.. فالطريق مازال طويلاً والحكاية لم تنتهِ بعد"، هكذا علّق أحد الناشطين على صورة تم تداولها على وسائل التواصل الاجتماعي، وبدا فيها الشاب "مرهف اسماعيل سلات" واقفاً على طريق ترابي ينظر للبعيد مديراً ظهره للكاميرا، بينما بدت طفلته التي لم تكمل الرابعة من عمرها بفستانها الأبيض وهي تسند ما تبقى من قدمه المبتورة التي فقدها أثناء عمله التطوعي في ريف إدلب منذ سنوات، في صورة تختزن ثنائية "الأمل" و"الوجع" وتوجز حكاية شاب واجه الموت لكنه لم ينكسر أو يستسلم لليأس.

ولد "مرهف" في مدينة "بنش" بريف ادلب عام 1995 ضمن أسرة بسيطة تتكون من 9 أفراد، ومنذ طفولته ترعرع على حب الوطن والدين والتعليم وعشق الكتب، ودأب في بداية تعليمه على الدراسة شتاء والعمل صيفاً ليعيل عائلته ويغطي نفقات دراسته، إلى جانب ممارسة عشقه للتصوير الضوئي.

يقول "سلات" إنه لم يتأخر في الانضمام إلى صفوف المتظاهرين المطالبين بالحرية والعدالة منذ انطلاق الثورة التي كانت "بنش" من أوائل المشاركين بها.

ويروي لـ"زمان الوصل" ذكريات المظاهرات السلمية التي شارك بها بعمر 16 عاما، حتى اقتحام قوات الأسد مدينته مرتين، حيث نكّل بأبنائها وقتل الكثير منهم كما فعل في باقي مناطق الثورة ليضغط باتجاه "الثورة المسلحة".


في هذه الأثناء تم تأسيس مركز للدفاع المدني (الخوذ البيضاء) في "بنش"، فتقدم "مرهف" للتطوع فيه في مجال البحث والإنفاذ، بعيداً عن القتل كما يقول، "فليس هناك أجمل من إنقاذ روح من تحت ركام الموت، تلك هي السعادة المطلقة بالرغم من الواقع الحزين".

لم يكن تاريخ 27/4/2015 عادياً في حياة الشاب المتطوع بل مزيجاً من الفرح والشؤم –حسب قوله- وكانت معركة تحرير إدلب قد انطلقت، وتمكّن المقاومون حينها من تحرير المدينة وعدد من القطعات العسكرية المحيطة بها، كما جرت آنذاك -كما يقول- معركة تحرير "معمل القرميد" الذي أذاق أهالي "بنش" ويلات القصف والدمار وارتكب العديد من المجازر، وشكّل تحريره فرحة لا توصف للإطفائي الشاب، لكن الفرحة لم يُكتب لها أن تكتمل وانقلبت إلى أسى وحزن بعد حادث مفصلي قلب حياته رأساً على عقب.

عند الساعة الثالثة بعد منتصف ليلة ذلك اليوم طُلب من عناصر الدفاع المدني في "بنش" أن يتوجهوا إلى مهمة إطفاء حريق في قرية قريبة من خط المعركة ووقع العناصر بين خيارين أحلاهما مر–كما يروي مرهف- إما الذهاب والمخاطرة أو عدم الذهاب وتأنيب الضمير، وفي لحظة حسموا خيارهم واختاروا قرار المخاطرة. ويروي محدثنا أنه فور وصوله مع رفاقه المتطوعين إلى مكان المهمة تعرضوا لاستهداف مباشر بصاروخ حراري على سيارة الإطفاء التي كانوا داخلها. 

ويستعيد المتطوع المصاب تلك اللحظة، حيث شاهد الصاروخ قبل أن يرتطم بالسيارة ببضع ثوان "لم أستطيع أن أخبئ الشعور بالخوف من الموت حينها فصرخت بأعلى صوتي "الله أكبر" وبدأتُ بالتشهد تأهباً لأن تقبض روحي بأي لحظة".


ويمضي محدثنا سارداً تفاصيل تلك اللحظات المرعبة: "وجدت نفسي مرمياً على مقعد سيارة الإطفاء والدماء تملأ ثيابي وجسدي، وقبل أن تلتهم النيران السيارة تفقدت رفاقي فلم أجد أحداً منهم، وأخذت قرار الخروج منها رغم الآلام، وعندما هممت بالنهوض لم أستطع التحكم في رجلي اليمنى فأدركت حينها أنها بُترت جراء شظايا الصاروخ وتمكنت من الزحف خارجها بصعوبة لأنجو بنفسي. 

بعد إسعافه إلى مشفى "باب الهوى" أخبر الأطباء "مرهف" أن لا علاج لقدمه ويجب بترها، وعندها -كما يقول- خضع للأمر الواقع وتمت عملية البتر، وبعد إجراء عملية البتر عاش الشاب المصاب حالة نفسية سيئة كغيره من المبتورين، وتناهبته أفكار كثيرة، كيف سيتدبر حياته بقدم واحدة، ويبتعد عن كرة القدم التي لطالما عشقها وحقق بطولات فيها، ولكنه تغلب على يأسه بالأمل فيما بعد لقناعته بوجوب التأقلم مع واقعه الجديد.

وبعد انتهاء مرحلة العلاج الفيزيائي أخبره المركز الطبي في الدفاع المدني بالاستعداد لتركيب طرف صناعي يساعده في حياته.

ويردف محدثنا أنه وجد بداية الأمر صعوبة في التأقلم مع الطرف الصناعي، ولكنه لم يلبث أن اعتاد عليه وأصبح قطعة من جسده -حسب قوله- وعاد إلى عمله في الدفاع المدني لأنه وطّن نفسه -كما يقول- على شعار "لا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس".


from أخبار سورية - زمان الوصل http://bit.ly/2NTzUx0
via IFTTT

Post a Comment

syria.suv@gmail.com

أحدث أقدم

ADS

Ammar Johmani Magazine publisher News about syria and the world.