كعادة جيش النظام وميليشياته ما أن يدخلوا إلى إحدى المناطق السورية التي كانت خاضعة لسيطرة عناصر الجيش الحر حتى تبدأ عمليات الانتقام من المدنيين، وذلك عن طريق سرقة ممتلكاتهم ومنازلهم وتخريبها.
فما أن بدأت حملة النظام العسكرية على محافظة درعا بعد استقدامه تعزيزات عسكرية تابعة لقوات النمر وميليشيات مختلفة من العاصمة دمشق، وزجها على نقاط التماس بين محافظتي درعا والسويداء، حتى انطلقت أولى عمليات التعفيش التي طالت مزارع البطيخ، وذلك مع بدء الحملة العسكرية ضد مدينة بصر الحرير.
وامتدت هذه السرقات إلى مختلف أنحاء الريف الشرقي لدرعا، لاسيما بعد هروب المدنيين من منازلهم بثيابهم فقط باتجاه الحدود الأردنية، نتيجة كثافة النيران، وشدة القصف الذي لم يهدأ على تلك المناطق منذ ما يقارب الشهر.
وبطبيعة الحال حوّل النظام محافظة السويداء، الجارة التاريخية لدرعا، سوقاً لتصريف البضائع المسروقة، والتي قدرت قيمتها بما يزيد على مليار ونصف مليار ليرة سورية، الأمر الذي أدى لحالة من الاستنكار الشعبي داخل جبل العرب، ودفع الأهالي لمحاربة هذه الظاهرة بطرق مختلفة.
أسواق التعفيش
تنتشر أسواق التعفيش في أنحاء مختلفة من السويداء وريفها، حيث يعمل عناصر النظام وضباطه على إدخال البضائع من المناطق التي سيطروا عليها في ريف درعا، إلى السويداء وفقاً لـ "وليد الأشقر"، ناشط من السويداء.
وقال "الأشقر" في حديث لـ "اقتصاد": "تعتبر قرى الثعلة، داما، تعارة، سميع، المزرعة، والدور، وغالبية القرى في الريف الغربي والشمالي الغربي ومدينة السويداء، مكاناً لتصريف الأغراض المعفشة، التي تبيعها قوات النمر لمجموعة من المهربين في السويداء بأسعار زهيدة".
وتابع: "تختلف حمولة التعفيش بين الجديدة والمستعملة ما يدل على أن المسروقات قد تم نقلها من المنازل والمحال التجارية والمستودعات"، مشيراً إلى أنه "بلغ سعر السيارة نوع (هيونداي إنتر) الكبيرة 500 ألف والصغيرة 200 ألف ليرة تبعاً للبضائع فيها، كما تراوحت نوعية المسروقات حتى بدت في بعض الأحيان غير صالحة للاستعمال أصلاً، ما يصف الحالة الانتقامية التي اتبعها النظام ضد أبناء حوران".
تعفيش بالجملة
تنوعت الأغراض التي سرقها جيش النظام من درعا، فلم تقتصر على الأدوات الكهربائية والمقتنيات المنزلية بل طالت "المونة" الموجودة في منازل المدنيين.
مسؤول في حملة "لا تعفش شايفينك"، فضل عدم الكشف عن اسمه، أفاد لـ "اقتصاد" بأن مجموعات تابعة لقوات النمر، وأخرى من العفيشة ممن يرتدون اللباس العسكري، سلبوا من بيوت أهالي حوران حتى أكبال الكهرباء.
وأضاف: "لم تسلم مشاريع الخضار التي تقع بين السويداء ودرعا من التعفيش، فقد تمت سرقتها وبيعها في الأسواق".
وأكمل: "توثق الحملة يومياً عشرات السرقات"، لافتاً إلى أن "هناك محلات ومستودعات بمئات الملايين سرقت من قرى الحراك وبصر الحرير والكرك الشرقي وغيرها، وبيعت بثمن زهيد من قبل بعض أصحاب السوابق والمحسوبين على النظام على الأرصفة في مدينة السويداء وريفها".
وأما أغرب الشكاوى التي تلقتها الحملة من مدنيين في درعا، فهي شكوى لرجل سرق حتى المرحاض من حمامه، وفقاً للمصدر.
استنكار شعبي
أكد المحامي "وائل غرز الدين" لـ "اقتصاد" أن "هيئات دينية ومدنية واجتماعية مختلفة واجهت واستنكرت ظاهرة التعفيش، معتبرة أنها تنافي الأخلاق والعادات التي تربى عليها أهالي السويداء، وتسيء لتاريخهم وتراثهم".
وأردف "غرز الدين": "أصدرت مشيخة عقل الطائفة الدرزية، وحركة رجال الكرامة بيانات تحرم التعفيش وشراء الأغراض المعفشة والتعامل مع العفيشة تحت طائلة الحرم الديني، والذي يصل لرفض الهيئات الروحية الصلاة على جنازة أي شخص تعامل بالتعفيش".
وتابع: "تم إحراق سيارة تعفيش محملة بأدوات كهربائية مطلع الشهر الجاري بالقرب من دوار العمران في المدينة، إضافة لطرد أهالي عرمان، ملح، خلخلة، والكثير من قرى السويداء، لسيارات التعفيش، ومعاقبة المسؤولين عنها بإقصائهم اجتماعياً، علاوة على ذلك حملات اجتماعية كبيرة نددت بهذه الظاهرة، وفضحت أسماء المشاركين فيها".
وعن السبب الذي دفع النظام لنقل الأغراض التي تم تعفيشها من درعا للسويداء قال: "كان بإمكان النظام نقل هذه الأغراض نحو العاصمة دمشق، إلا أنه فضل بيعها في السويداء لبعض ضعاف النفوس، وذلك في محاولة منه لتأجيج الطائفية بين المحافظتين الجارتين، ونسف أي محاولة تقارب بينهما مستقبلاً".
وأشار "غرز الدين" إلى أن "التعفيش يندرج تحت جرم السرقة، وتخريب الممتلكات ويعاقب عليه في القانون السوري، إلا أن عمليات التعفيش التي تجري والقائمون عليها من ضباط متنفذين في السلطة استغلوا الفساد الموجود، وغياب القانون إضافة للحقد الذي يكنه هؤلاء لمهد الثورة السورية لتنفيذ مثل هذه الأعمال، وإدراجها تحت اسم (غنائم الحرب) لزيادة ثرواتهم والانتقام من الأهالي في ظل فساد السلطة".
from أخبار سورية - زمان الوصل http://bit.ly/2JspbpB
via IFTTT