ألغت مؤسسة "راي نيوز" الإيطالية بث المقابلة الصحفية التي أجرتها المذيعة مونيكا موغيوني مع الرئيس السوري بشار الأسد يوم 26 نوفمبر/ تشرين الأول، فيما قام موقع "تويتر" بإغلاق حساب صفحة الرئاسة السورية لساعات أثناء بث المقابلة عليه، في الوقت الذي هاجم فيه الإيطاليون التبريرات التي ساقتها المؤسسة الإيطالية لعدم بث المقابلة.
التبريرات التي تذرعت المؤسسة الإيطالية بها لعدم بث المقابلة، بأنها لم توكل هذه المهمة للمذيعة التي أجرت اللقاء، لاقت انتقادا كبيرا في الشارع الإيطالي، ومنهم من غرد أنهم سيتابعون الحوار مع الأسد على صفحة الرئاسة السورية، ومنهم من وصف الأسباب التي وضعتها المؤسسة الإعلامية الإيطالية بالهراء وما تزال التعليقات موجودة لتاريخ هذه اللحظة على موقع "تويتر" ومواقع التواصل الأخرى.
يبدو أن الدراسات الغربية أصبحت تدرك تأثير المنطق الذي يتحدث به الرئيس السوري على الشارع الأوروبي، ففي لقائه الأخير مع صحيفة "باري ماتش" في شهر نوفمبر/تشرين الأول الماضي، وكشف فيها أن فرنسا وكل من تركيا والولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا تقدم دعما للإرهاب في سوريا مشددا على أن وجود قوات فرنسية على الأرض السورية يعد احتلالاً وشكلاً من أشكال الإرهاب لأنها موجودة من دون موافقة الحكومة السورية، ومطالبته الحكومة الفرنسية بالعودة إلى القانون الدولي والتوقف عن دعم كل ما من شأنه أن يزيد الدماء والقتل والعذاب في سوريا، أثارت هذه المعلومات موجة من التساؤلات والانتقادات في الشارع الفرنسي حول طبيعة عمل القوات الفرنسية في سوريا وخاصة بالتوازي مع مقتل جنود فرنسيين في مالي في الشهر نفسه.
موقع تويتر بدوره ومن دون مبررات أغلق صفحة الرئاسة السورية على تويتر أثناء بث المقابلة مع الرئيس السوري مع المؤسسة الإعلامية الإيطالية، وهو ما يعد إشارة لمدى التأثير الذي يحدثه كلام ومنطق الرئيس الأسد على الجمهور في الغرب، وهو الذي واجه أشرس الحملات الإرهابية على بلاده خلال تسع سنوات والحصار الاقتصادي الخانق وعقوبات تطال الشعب السوري تحرمه حتى من رغيف الخبز لو أمكن، ووصلت إلى إعلان واشنطن رسميا أنها تريد السيطرة على حقول النقط السورية شرق الفرات من أجل حرمان الحكومة السورية من عائداته.
تأكيدات الأسد المستمرة بأن الإرهاب الذي تدعمه بعض الدول الأوروبية سينعكس سلبا على مموليه وداعميه وسيرتد عليهم، لا يستطيع الإعلام الغربي إخفاؤها، ولا يستطيع مواجهتها لأنها حقيقة ومنطق.
الغرب لايستحي ولا يتوقف عن الكذب الذي أصبح مفضوحا أمام الشارع الأوروبي بخصوص سوريا، فبعد 8 سنوات من دعم المسلحين، اليوم تقول أوروبا أنها أوقفت دعم وتمويل الفصائل المسلحة المتطرفة التي تشارك في القتال في الشمال السوري لأنها متطرفة ومجرمة، بعد أن تم تخريب جزء كبير من سوريا وضرب اقتصادها، الآن يعترفون أن هذه الفصائل متطرفة ومجرمة، وقبل ذلك كانت تسمى بمنظورهم "معتدلة"، وهي تذبح جنود الجيش السوري وتتبنى العمليات الانتحارية، أما الآن عندما انتهى دور هذه الفصائل الإرهابية وتحولت لمعركة أخرى ضد الوحدات الكردية، بدأت أوروبا بإيقاف دعم هذه الفصائل، ليس لأنها إرهابية، بل لأن أوروبا مع المشروع الانفصالي في شمالي شرق سوريا.
أوروبا تشارك في الحصار الخانق على الشعب السوري، وتقول أن هذه العقوبات ضد الحكومة السورية فقط، إلا أن الأسد الثابت على مواقفه المستندة على الدستور السوري، تمكن من خلق عوامل حماية محلية من تبعات هذا الحصار، فاشترت الحكومة السورية القمح الذي يكفي السوريين لعام كامل، وأطلقت العمل بمشاريع محلية لتوريد الكهرباء من الغاز المنتج محليا في سوريا، وتنسق لاستيراد حاجات الناس من مواد الطاقة من المصادر المتاحة، في الوقت الذي يخوض فيه الجيش السوري أشرس المعارك مع أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، والموقف الأوروبي لا يحرك ساكنا لفضح هذا الإرهاب مكتفيا بالتعبير عن قلقه.
يدعي الغرب بشعاراته حرية الإعلام!!!، ويدعي دعم السلام وحق الشعوب، ويدعي مكافحة الفقر والتجويع، ولكن إذا أقدمت أي دولة على التصرف وفق مصالحها بعيدا عن مصالح الغرب، تنتهي كل الشعارات، ويصبح الإعلام مفتوحا فقط للمنابر التي تؤيد سياسات الغرب.
لن يستطيع الغرب تغطية جرائمه بحق الشعب السوري كثيرا، فهذه العقوبات والحصار الخانق على سوريا يعتبر جريمة سيحاسب عليها يوما ما، وأصبحت أوروبا تدرك تماما أنها أخطأت في سوريا، وأن من دعمتهم لضرب سوريا كانوا إرهابيين وما زالوا.