السعي إلى قصم ظهر سورية وتقطيع أوصالها وجعلها غارقة في الفوضى العارمة هو مشروعٌ مستمر، لكنه بات مشروطاً بتمكين منظومة دول العدوان بأطرافها المتفقة والمتناقضة في آن، إذ إنّ لكلِّ دولة مشروعها الخاص بها، لكن أجندة الحضور واحدة، وعلى كلّ المستويات، سواء الميدانية أو السياسية أو الاقتصادية، لذلك، كان لابدّ من فرض حزمة جديدة من الإجراءات القسرية أحادية الجانب عبر مايسمى «قانون قيصر»، وضخّها في الجغرافيا السورية، وفي توقيت يعدّ إجرامياً إذا ما قيس بعدد سنوات الحرب على سورية وما سببته من معاناة مريرة للشعب السوري! إضافة إلى السرقة المنظّمة لثروات سورية النفطية، وتسييس الأوضاع الإنسانية فيها واستغلالها لليّ ذراع الدولة السورية، وكذلك ممارسة الضغط والترهيب لتهجير المدنيين من الشمال السوري، بغية إحداث تغيير ديموغرافي في الجغرافيا السورية، وقذائف «التحالف الدولي» غير الشرعي بقيادة أمريكا بزعم «محاربة داعش» على أهبة الاستعداد وجاهزة لتدمير البنى التحتية والخدمية للشعب السوري وإبادة المدنيين بدمٍ بارد من دون السؤال عن حياتهم، ولا أوضاعهم المعيشية الصعبة، وعندما تحين الفرصة، فإن «سيناريو الكيميائي»؛ حاضر، ومنابر الأمم المتحدة المسيّسة مُشرعة لاستقبال كل ما هو ضدّ سورية، ويخدم مصالح الدول المتآمرة عليها.
كلُّ معتدٍ منهم يعرف دوره، الولايات المتحدة الأمريكية اللص والجاني التي لم ترَ منها سورية والعالم إلا الوجه القبيح والبشع والأفعال الشائنة والمحرّك الأول لجريمة الحرب القذرة عليها، وتركيا بمطامعها العثمانية وأحلامها الصدئة، والكيان الصهيوني المستفيد الأول من كلّ الفوضى والحرب الإرهابية الظالمة على سورية، إضافة إلى بعض الدول الإقليمية المتورّطة حتى النخاع في سفك الدم السوري، وكذلك دول «التحالف»، ومن لفَّ لفّها.
أطرافٌ عدّة اجتمعت لتلقى الهزيمة المدويّة على الأرض السورية ميدانياً، إذ حققت سورية انتصارات عظيمة بعزيمة جيش عقائدي مسنود بحكمة قيادة أمينة يتعلم منها الآخرون كيف تُصان الأوطان، ودعم شعبي كبير كان شريكاً له في الانتصارات التي حقّقها، إذ استطاع تحقيق الإنجازات أينما حلّ، لتكون الوجهة الأخيرة إدلب، المعقل الأخير للإرهابيين وداعميهم، والورقة التي تستميت منظومة دول العدوان للمحافظة عليها كورقة ضغط، ترى فيها واشنطن أملها الأخير في تحقيق ما عجزت عن تحقيقه من أجندات استعمارية.
لكن، وكما كان النصر عنوان معركة التحرير في الغوطة وحلب وحمص ودرعا؛ كذلك سيكون عنواناً لمعركة تحرير إدلب وقراها التي نضجت فيها الظروف، وأصبح سمت ميدانها حاضراً في غرفة العمليات السورية، والاستعدادات صارت قيد التنفيذ، وبدأ التمهيد الناري يستهدف قواعدهم، وصارت مراكز عسكرتهم هدفاً محققاً لليوث الجيش العربي السوري في رسالة واضحة منه إلى الدول الداعمة للإرهاب وأدواتهم وأفاعيهم الإرهابية، بأن كل ما يُراد به شرّ لسورية، أياً كان لبوسه، ومن أي جهة أتى ومهما عظمت قوتها، واشتدّ جبروتها سينتهي تحت أقدامه، وبـ«صفر» إنجازات لهم على جبهات واستنزاف جبهات أخرى، فراح المعتدون يتجرّعون هزيمةً انتشرت سمومها في أوصالهم، وما عاد ينفع معها أيّ مصل لا (ورقة الكيميائي) –الطبخة الفاسدة للمخابرات الأمريكية واللوبيات الصهيونية- ولا (حقوق الإنسان) التي تنتهك حقوق الإنسان بأرشيف حضور منابرها اللاإنسانية.
حرب إدلب (واقعةٌ) بمعناها اللغويّ واللفظيّ، (الصدمة بعد الصدمة) بحدود زمانية ومكانية ستتوقف، لتبدأ بعدها العمليات ضد الخلايا الفارّة من معاقلها من زئير الجيش العربي السوري، لتثبيت انتصار سورية وترسيخه.