أكثر من 40 مدينة وقرية وبلدة سيطر عليها الجيش السوري ضمن مساحة تبلغ نحو 320 كيلو متراً مربعاً خلال عملياته الأخيرة في ريف إدلب، وفق إحصاءات ذكرها بيان رسمي للجيش السوري. العملية التي لا تعتبر مفاجئة، فقد جاءت بعد أكثر من عامين على اتفاقية “خفض التصعيد” الموقعة بين روسيا وتركيا، إثر فشل أنقرة في الوفاء بتعهداتها، سواء إبعاد الفصائل المسلحة، أو فتح طريق حلب – حماة.
الجيش السوري وخلال فترة وجيزة حقق تقدماً كبيراً على جبهات القتال المؤدية إلى معرة النعمان، المدينة الأبرز والهدف الرئيسي من هذه المعركة، حيث تؤدي السيطرة على المدينة إلى الاقتراب بشكل كبير من فتح طريق حلب – حماة، والذي يستلزم فتحه إطلاق عملية عسكرية غرب مدينة حلب، وهو ما توقع مصدر عسكري سوري تحدث إلى “180” أن يتم قريباً، خصوصاً بعد استقدام الجيش السوري تعزيزات عسكرية إلى جبهة ريف حلب الغربية خلال الفترة الشهرين الماضيين.
بعد وصوله إلى مشارف معرة النعمان، أوقف الجيش السوري عملياته، بشكل مؤقت، لأسباب عدّة، ذكرها المصدر العسكري السوري، أبرزها: “المنخفض الجوي الذي تشهده المنطقة، والتحركات السياسية بين تركيا وروسيا، إثر محاولة تركيا إعاقة العملية العسكرية، إضافة إلى بعض المبادرات من هيئة المصالحة وبعض الشخصيات الاجتماعية التي قدمت مبادرات مصالحة باءت بالفشل بسبب رفض الفصائل المسلحة “.
بالتوازي مع توقف العملية العسكرية، تابع الجيش السوري حشد قواته وتنفيذ استهدافات مدفعية لمواقع الفصائل المسلحة التي استنفرت بشكل كبير، وقامت بنقل عدد كبير من قواتها إلى جبهة القتال في المعرة، الأمر الذي اعتبره المصدر “مؤشراً كبيراً على أن المعركة ستتابع خلال فترة وجيزة”، موضحاً أن حشد الفصائل للمسلحين على جبهات القتال لن يكون له أي تأثير على مستقبل العملية العسكرية.
وتابع “قد يعيقون تقدمنا لفترة وجيزة، ولكنهم لن يمنعونا من السيطرة على المعرة والاشراف على سراقب “.
كذلك، عادت الطائرات السورية والروسية لتنفيذ استهدافات وغارات على مواقع المسلحين في محيط معرة النعمان بعد أن توقفت لمدة يومين.
خلال تقدم الجيش السوري نحو معرة النعمان، سيطر على أكثر من 40 مدينة وقرية وبلدة، أهمها التح وجرجناز التي اعتبرها المصدر “عاصمة القوقاز”، في إشارة إلى جماعة “أجناد القوقاز” الارهابية التي كانت تسيطر في البلدتين.
وتقاتل في المنطقة فصائل اراهابية عدة أبرزها “جبهة النصرة” (“هيئة تحرير الشام”)، و”أحرار الشام” التي خسرت عدد من قادتها بينهم قاضٍ شرعي، وأصيب قائدها جابر علي باشا في غارة جوية يوم الأربعاء الماضي، بالإضافة إلى “الحزب الإسلامي التركستاني”، و “أجناد القوقاز”، و”فيلق الشام” التابع بـ “الجيش الوطني السوري” الذي أسسته تركيا من عملية دمج لعدد من الفصائل المسلحة.
العملية العسكرية الواسعة التي ينفذها الجيش السوري، ورغم أنها كانت “منتظرة” ومتوقعة من قبل الفصائل المسلحة، أظهرت الانهيار السريع والانسحابات المتتالية للمجموعات المسلحة من مساحات واسعة قدرة الجيش السوري على المباغتة، وفق تعبير المصدر، الذي تابع “جميع المسلحين في هذه المنطقة استعدوا طيلة العاملين الماضيين، وقاموا بحفر الخنادق، والأنفاق، وحشدوا مقاتليهم على خطوط التماس، إلا أن كل ذلك لم ينفعهم، حيث تهاوت تحصيناتهم بشكل سريع ومتتالي وكأن هذه المعركة فاجأتهم”.
وفي وقت تداولت فيه وسائل إعلام سورية معارضة أنباء عن انسحاب فصائل موالية لتركيا من بعض النقاط في محيط معرة النعمان، أظهر تسجيل مصوّر تداوله ناشطون معارضون استعمال فصائل مسلحة أسلحة أميركية، بينها صواريخ “تاو” المضادة للدروع، كما أظهرت التسجيلات وصول تعزيزات إلى محيط معرة النعمان لمحاولة منع سيطرة الجيش السوري عليها.
وتتمركز قوات الجيش السوري في الوقت الحالي على بعد نحو ستة كيلومترات فقط من معرة النعمان، وتظهر خريطة تحركاته عمله على التوسع بشكل عمودي بمحاذاة المعرة، الأمر الذي قد يفسح المجال لفتح أكثر من معركة في وقت واحد، وهي استراتيجية اتبعها الجيش السوري في معارك عدة.
عدم التوصل إلى تفاهمات سياسية، ورفض المجموعات الارهابية العروض التي تقدم بها وجهاء لتسليم معرة النعمان دون قتال، واستمرار حشد الفصائل “الجهادية” قواتها على تخوم المعرة، مؤشرات تؤكد أن المدينة التي نزح معظم سكانها على موعد مع معارك عنيفة خلال الأيام المقبلة، ليبقى سيناريو السيطرة عليها مرتبط بالتخطيط والتكتيك العسكري وتطورات الوضع الميداني، إلا أن المؤكد أن المدينة التي تعتبر “بوابة حلب” ويعني سقوطها فتح الطريق من جهة إدلب، تستعد للعودة إلى سيطرة الحكومة السورية.