من يتابع تفاصيل الوضع الأمني في سورية والعراق بداية العام 2020 مقارنة مع الوضع قبل ست سنوات يستطيع أن يدرك حجم الإنجاز الذي حققه جيشا البلدين بدعم من الدول الصديقة والحليفة وقوى المقاومة في القضاء على التنظيمات الإرهابية التي كادت أن تحول المنطقة إلى بؤرة للقتل والجوع والتشريد والفوضى.
فعلى مدى سنوات استطاع تنظيم داعش الإرهابي وبدعم من قوى إقليمية ودولية وعلى رأسها الولايات المتحدة اجتياح مناطق واسعة في سورية والعراق وتحويل منابع النفط إلى مصادر تمويل كبيرة لعملياته الإرهابية من خلال بيع النفط إلى حليفه النظام التركي.
العد العكسي في حياة التنظيم الإرهابي بدأ في العام 2015 حيث استطاع الجيش العربي السوري والعراقي والحشد الشعبي العراقي دحر التنظيم عن مناطق واسعة وإيقاع الخسائر الكبيرة في صفوف إرهابييه إلى أن تلاشى التنظيم تقريباً وبقيت بعض فلوله في صحراء الأنبار غرب العراق وقاعدة التنف التي تحتلها القوات الأميركية على الحدود السورية العراقية.
ومع اندحار التنظيم الإرهابي تلاشت ذرائع الوجود الأميركي في البلدين وكان لابد لصقور الحرب في البيت الأبيض والبنتاغون من اتخاذ ذرائع جديدة لإطالة الوجود الأميركي في المنطقة، فحاولت واشنطن إعادة إحياء تنظيم داعش لكنها لم تفلح أمام وجود الجيش العربي السوري والجيش العراقي والحشد الشعبي الذي طهر معظم صحراء الأنبار، فقررت ضرب محور محاربة الإرهاب باغتيال بعض قياداته أملاً في إعادة بث الروح في التنظيم الإرهابي المتهاوي.
جريمة اغتيال الفريق قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني ونائب رئيس الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس في بغداد تشكل أبشع أنواع الإرهاب السياسي الذي يمكن أن تقدم عليه دولة ما، ونسخة طبق الأصل عن الإرهاب الإسرائيلي الذي تمارسه سلطات الاحتلال ضد الفلسطينيين.
وما يزيد الجريمة بشاعة أنها تأتي بأمر من رئيس الولايات المتحدة الأميركية لتعبر عن قرار دولة تعبر عن إرادتها السياسية وتعكس ضربها عرض الحائط بالقوانين والمواثيق الدولية، وتشكل عملية اغتيال للأمن والاستقرار في المنطقة التي بدأت تتعافى من الإرهاب، ولتعيد واشنطن إنتاج أسلوب إرهاب داعش والإرهاب الإسرائيلي وتضع العالم أجمع على فوهة برميل بارود سينفجر حتماً ويترتب عليه تداعيات لا يمكن التنبؤ بها.