بمشيئة سوريّة كان الانتصار العسكري تلو الانتصار على الإرهاب وصُنّاعه وداعميه ومرتزقته، هو العنوان الأهمّ على الساحة السورية عام 2019 التي التهب ميدانها العسكري برغم برودة وصقيع بعض مواقف المجتمع الدولي التي تصل في بعضها حدّ التواطؤ، وكانت إدلب هي الحاضر و(الغائب مؤقتاً)، والكلمة المفتاحية والدلالية للنصر السوري المؤزّر، فريف حماة بالكامل محرّر، ومن خان شيخون المدينة الاستراتيجية في ريف إدلب الجنوبي بدأت عملية تحرير إدلب من طرفيها الشرقي والجنوبي ومازالت مستمرة.
وبينما كانت الدولة السورية تمارس حقّها الشرعي في الدفاع عن سيادتها ووحدتها وسلامة أراضيها، وحقوق شعبها ومكافحة الإرهاب وثقافة الموت والتكفير والإقصاء، استحقت الولايات المتحدة الأمريكية لقب «النجم الأول» في الإجرام بلا منازع، حتى إن تقارير منظمة حقوق الإنسان من عقر دارها -«هيومن رايتس ووتش»- أكدت «تراجع الولايات المتحدة حيال مجموعة من القضايا الحقوقية، داخلياً.. وخارجياً، وإقرارها قوانين، وتطبيقها تشريعات وسياسات في عهد الرئيس ترامب تنتهك حقوق الإنسان»، مضيفة في تقريرها ذاته «أن الإدارة الأمريكية واصلت دعمها للحكومات المسيئة في الخارج، عسكرياً، ومالياً، ودبلوماسياً».
واشنطن التي لا يؤرّقها ولا يعنيها إلا أمران لا ثالث لهما: مصالحها وأمن «إسرائيل»، وفي سبيلهما تبيد شعوباً وتدمّر دولاً، والداعم الأول للإرهاب لن تتوانى عن دعم الحكومات المسيئة فحسب، بل عن دعم الشيطان نفسه أيضاً مادام يخدم سياساتها، ويحقق أهدافها الخبيثة، متمثلاً بأجيرها الأرعن أردوغان وبعض الدول الإقليمية المنضوية –ولو مرحلياً- تحت عباءتها.
وقد شهدت الساحة السورية، عملياً، السياسات الأمريكية الإجرامية، إذ سحبت أمريكا جنودها من سورية، ولم تنسحب، حلّقت، وانتهكت أجواءها، وسرقت ما في جوفها، وأعطت لصبيِّها أردوغان الضوء الأخضر في تشكيل المشهد السياسي الذي يحقّق أطماعهما، فكانت ما تسمى عملية «نبع السلام»، العملية التي ارتكب فيها مرتزقة أردوغان الإرهابيون في غزوه السافر للأرض السورية انتهاكات جسيمة بحقّ الشعب السوري أدانها المجتمع الدولي.. وواصلت أمريكا عملها الاستعراضي أيضاً، فكان الخبر الهوليوودي بمقتل متزعم تنظيم «داعش» الإرهابي المدعو أبو بكر البغدادي في إدلب أيضاً، معقل الإرهابيين الذين اجتمعوا من كلّ أصقاع الأرض، والذين ستعلن الدولة السورية، وفي مكان وزمان سوريين، عن دحرهم قريباً.
بدأت واشنطن عام 2019 بسياسات عدوانية إجرامية كان العنوان الأساس فيها والذي اشتغلت عليه المخابرات الصهيو-أمريكية هو تراجع القضية المركزية للعرب أي القضية الفلسطينية الذي تمظهر في تدافع بعض الأنظمة العربية للتطبيع مع «إسرائيل» متغافلة عن جرائم هذا الكيان الصهيوني بحقّ الشعب الفلسطيني، ومازالت أمريكا تسعى حثيثاً لتحقيق مشروع «صفقة القرن» وتقدم الهدايا المجانية الواحدة تلو الأخرى للكيان الصهيوني، وأولاها إعلان ترامب المشؤوم حول الجولان السوري المحتل، وآخرها ما يسمى «قانون قيصر» الإجرامي كخطوة من خطوات الإرهاب الاقتصادي الذي تمارسه أمريكا بحق سورية وشعبها، ولتستأنف واشنطن في بداية العام الجديد سلوكياتها الإجرامية فكانت عملية الاغتيال بحق كوكبة من قادة المقاومة وعلى رأسهم الفريق قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس كفعل صريح للإجرام.
وبينما تواصل الدولة السورية فعل المقاومة وتحقيق النصر بصور جديدة، فإنها تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن الغالب لا بدَّ في النهاية سيكون صاحب الحق والأرض وأن هذه الحرب سوف تمضي لا محالة.