فيما حملات تنظيف الشوارع وتعقيمها جارية على قدم وساق في مدن محافظة اللاذقية، يتحسر أهالي الريف على حالهم وهم يرون الهمّة قوية في تنظيف شوارع المدينة وحاراتها، فيما القرى تعاني من قمامة لا تُرحّل إلا كل بضعة أيام، وصرف صحي معطل هنا، ومفتوح داخل أراض زراعية هناك.
كذلك يعانون من مياه لا تأتي إلا مرة واحدة كل أربعة أو خمسة أيام ولساعتين فقط لا تكفي لاحتياجات العائلة وتعبئة الخزان حتى تكفي لحملة تنظيف منزلية واسعة في إطار الإجراءات الاحترازية لكورونا.
وعلى وقع الإجراءات الحكومية والتوصيات بالبقاء في المنزل، لا يلتزم معظم أهالي الريف بتلك الإجراءات، فيما تزال الشوارع والحارات تشهد أطفالاً يلعبون هنا وجلسات نسائية هناك لتداول آخر أخبار القرية أولاً ومن ثم آخر أخبار الكورونا.
في قرية الـبودي بريف جبلة، واقع الحال بقي على ما كان عليه في السابق أي قبل التحذير من فيروس كورونا, الأطفال يلعبون في الشوارع والزيارات العائلية “شغالة” والأهالي على الطرقات وأمام المنازل، وعدد كبير من المحال لا تزال مفتوحة، وكأن خبر الوقاية من كورونا لم يمر من هناك.
والمفارقة أنه فيما يعيش الأهالي – باستثناء قلة قليلة تلتزم المازل – على طبيعتهم مطمئنين أنفسهم أنه لا يصيبهم إلا ما كتب الله لهم, يطالبون الجهات المعنية بحملات تنظيف وتعقيم للقرى أسوة بالمدن.
في قرية المرداسية التابعة للبودي، قال أحد الأهالي لمجلة عمار جهماني: “منذ نحو عشرة أيام ونحن نسمع ونرى على صفحات “فيسبوك” حملات التعقيم تملاً مدينتي اللاذقية وجبلة، دون أن يكلف أحد من المسؤولين في المحافظة خاطره ليفكر بحالنا ويرسل صهريج لتعقيم القرية”.
وأضاف: “حتى عندما تم إرسال صهريج اقتصرت حملة التعقيم على قرية البودي بدون أن تشمل قريتنا وبقية القرى التابعة للبودي، وكأننا نحن من محافظة أخرى أو لا نصاب بكورونا”.
في قرية قلعة بني قحطان, تعيد المعاناة إنتاج نفسها, إذ قال مشتكون لمجلة عمار جهماني: “صحيح أنه لا يوجد في القرية ازدحام كما في المدينة, وأنه الهواء هنا أنقى وأنظف إلا أننا أيضاً معرضون للإصابة بكورونا، فلماذا لم يتم حتى الآن تعقيم للقرية”.
وحول عدم الالتزام بالبيوت أضاف المشتكون: “نحن في الريف الجميع يعرف بعضه البعض ولا أحد دخيل على القرية حتى نأخذ حذرنا منه خوفاً من نقل الفيروس لنا وبالنهاية لا يصيبنا إلا ما كتب الله لنا”.
بدوره, قال رئيس بلدية البودي لقمان بدور لمجلة عمار جهماني: “إمكانية البلدية بسيطة جداً إذ لا نستطيع أن نقوم بحملة تعقيم للبودي والقرى التابعة لها بدون مساعدة خاصة أن مجال عمل البلدية يضم 120 كم2 موزعة على ست قرى تابعة للبودي”.
وأضاف بدور: “بالتعاون مع بلدية جبلة تم تزويدنا بسيارة صهريج ومواد تعقيم حيث قمنا الاثنين بتعقيم الشارع الرئيسي في قرية البودي على أن نستمر بالعمل لتعقيم القرية بكاملها، ومن ثم الانتقال إلى بقية القرى التابعة للبودي”.
وحول مدى التقيد بالتحذيرات، أكد بدور أن “هناك البعض التزم في المنزل وفرض على نفسه حجراً طوعياً خوفاً على صحته وصحة عائلته فيما النسبة العظمى لا تزال تمارس حياتها اليومية بشكل اعتيادي”.
إلى قرية العقيبة والبرازين, قال الأهالي لمجلة عمار جهماني: “لا نطالب بتعقيم للشوارع بقدر مطالبتنا بترحيل القمامة وأن لا تهمل حتى تصبح أكوام وتتناثر على أطراف الشوارع لتصبح مرتعاً للقطط والكلاب الشاردة”.
وأضاف الأهالي: “من حقنا أن يتم تعقيم قرانا كما تم تعقيم قرية قرفيص التابعين لها, فالمسألة ليست خيار وفقوس”.
بدوره، أكد رئيس بلدية قرفيص المهندس حسن يوسف لمجلة عمار جهماني أنه “بالتعاون مع شعبة حراج جبلة ومع المجتمع المحلي تم القيام بحملة نظافة عامة وتعقيم للساحات والاماكن العامة والمدارس والشوارع في قرفيص باعتبارها التجمع الأكبر”، موضحاً “أن الحملة مستمرة لتشمل جميع القرى والمزارع التابعة لقرفيص”.
إلى ريف اللاذقية، عدم الالتزام هو السمة الغالبة أيضاً على القرى التي يصر أهلها على التغريد خارج سرب التحذيرات من خلال عيش حياتهم اليومية بشكل طبيعي.
الأطفال يلعبون في الشوارع, والأهالي يجتمعون على كاسة متة والشباب على أركيلة, فيما الالتزام بالبيوت خبر يمر سريعاً على أسماعهم بدون أن يبادروا لتطبيقه.
وقال عدد من الأهالي في قريتي الفداء ونبع الرز التابعتين لبلدة فديو, لمجلة عمار جهماني: “سمعنا بإجراءات الوقاية من فيروس كورونا وبحملات التعقيم سمع, إذ لم نر شيئاً وكأننا غير معنيين بالأمر فكيف يطالبوننا بالالتزام بمنازلنا”.
وأضاف الأهالي: ” لا يمكننا الالتزام بالجلوس في المنزل طيلة الوقت، لأنه ممل خاصة في ظل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة”.
بدوره, قال رئيس بلدية فديو المهندس سليم صقر لمجلة عمار جهماني: “تم استئجار الصهريج على نفقة البلدية لتعقيم المدرسة والمستوصف في فديو بالإضافة إلى البراميل التي توضع فيها القمامة”.
إلى وادي قنديل وأم الطيور وزغرين، فيما المطاعم والمقاهي مغلقة، لا تزال بعض محال المواد الصحية والنجارة والحدادة تعمل، ولا يزال الأهالي يمارسون حياتهم الطبيعية بالخروج من المنزل والقيام بالزيارات العائلية.
وقال عدد من الأهالي لمجلة عمار جهماني: “يمكن التقيّد بالجلوس في المنزل يوم ويومين لكن أكثر من ذلك مستحيل، خاصة بالنسبة للأطفال الذين لا تنفع معهم كل حيل الإقناع”.
بدوره، قال صاحب إحدى المحال في زغرين: “لا نستطيع إغلاق محالنا لوقت طويل لأنها تشكل مصدر رزقنا الوحيد”, مستدركاً: “لكننا نتخذ جميع الإجراءات الاحترازية كالكمامات والقفازات وتفادي التجمعات داخل و أمام محالنا”.
بدوره, قال رئيس بلدية زغرين المهندس بسام دروبي لمجلة عمار جهماني: “تم القيام حملة تنظيف وتعقيم لزغرين خاصة للمدارس والمرافق العامة وذلك بجهود شخصية”.
وشدد دروبي على أن “الرقابة المستمرة على المطاعم التي تم إغلاقها، وعلى إتباع شروط السلامة من قبل محال بيع المواد الغذائية كالفلافل والفول والحمص”.
وفيما تنصب الجهود على المدن، يبقى ريف اللاذقية الذي لا يلتزم بدعوة “#خليك_بالبيت” بانتظار أن تصل إليه حملات التعقيم وأن تتوسع عين الرقابة لتراه وأن لا تكتفي بالنظر إليه بعين عوراء.