تحت سيف الوقت وسوء النية الناجم عن مماطلة المجموعات المسلحة وداعمهم بتنفيذ الاتفاق في ادلب، تعيش تلك المنطقة ايامها، وكأن الساعات هناك تسير بفعل المسكنات السياسية.
جميع الجبهات تشهد الهدوء هذا صحيح لكن جميع مكونات المجموعات المسلحة هناك لديها القدرة الدائمة وتتمتع بموهبة عدم الالتزام التي يمكن ايقاظها عند الطلب من قبل المشغل، فهدوء حذر ونسبي، تشهده مختلف جبهات الاشتباك في ادلب، هدوء يخيم على فشل في تطبيق مقررات اتفاق موسكو، في الجانب الخاص بانسحاب المجموعات المسلحة مسافة 6 كيلومترات شمال وجنوب الطريق الدولي الواصل بين حلب واللاذقية، وتسيير دوريات مشتركة عليه، المهلة التي منحت لانقرة كفرصة لفتح الطريق الدولي M4، سواء باذعان المجموعات المسلحة لقرار الانسحاب، او باستئناف العمليات العسكرية، يجعل هذه الهدنة خجولة.
القوات التركية التي بدأت منذ التوقيع على الاتفاق، انشاء نقاط عسكرية لها في مختلف البلدات والقرى ونشر مرابض حراسة على جانبي الطريق، لا تتوقف فرق خاصة فيها بحسب مصادر مطلعة، عن استطلاع قرى عديدة على جانب يالطريق، كان ابرزها قرى بفطامون ومرج الزهور وفريكة والزيادية، وهذه القرى بالطبع تتربع على طرفي الطريق الدولي وتحديداً جنوب شرق مدينة جسر الشغور في ريف إدلب الجنوبي الغربي، بالاضافة الى تسيير دوريات تركية منفردة على الطريقة، بدأت تنطلق من بلدة ترنبة، في تحرك تركي احادي يثير قلق المراقبون في دمشق، من نية التركي اطالة امد المهلة الزمنية، تحت ذريعة حماية الدوريات المشتركة القادمة، على الطريق الدولي الذي يجب ان تسير الدوريات عليه، من بلدة ترنبة عرب سراقب بريف ادلب، وصول الى بلدة تل الحور في الحدود الادارية لحافظة اللاذقية، ولم تستطع الدوريات الاحادية التركية من سوى مسافة 4 كيلو مترات انطلاقا من محيط بلدة النيرب، وهي ذاتها المسافة التي قطعتها الدوريات الروسية التركية في الخامس عشر من هذا الشهر، مع العلم ان المسافة المقررة تصل الى 70 كيلومتراً كان من المفترض على القوات التركية تأمينها، وما يعيقها رفع محتجون من المجموعات المسلحة السواتر الترابية على هذا الطريق، واغلب هؤلاء ينتمون للمجموعات التابعة لتنظيم القاعدة، وكل ذلك يجري تحت نظر القوات التركية، كل ذلك يراه المراقبون في سورية على انه مجرد مسرحية استعراضية من قبل القوات التركية، تدلل على عدم جدية القوات التركية في تسيير الدوريات، وتطبيق اتفاق موسكو، وابعاد المسلحين عن جانبي الطريق.
في الوقت عينه، عادت ظاهرة الاغتيالات للقادة المسلحين لتتصدر المشهد في ادلب، محاولات الاغتيال لقادة المسلحين لم تكن كلها فاشلة، بل ما نجح منها لا يعد، حيث نجح المجهولون بتفجير عبوة ناسفة زرعت في سيارة القائد العسكري فيما يسمى “حركة أحرار الشام” الارهابية، المدعو “علاء العمر أبو أحمد”، ما أدى إلى مقتله، وكان القيادي يستلم منصب قائد “لواء العباس” في “الحركة”، وينحدر من بلدة الرامي من جبل الزاوية بريف إدلب. وكان قيادي ومرافقه قتلا من صفوف حركة “أحرار الشام”، في كانون الأول الماضي، بينما نجا قائد “الحركة”، جابر علي باشا، بالاضافة الى مقتل المدعو ابو احمد العمر قائد لواء العباس في الجيش الوطني السوري نتيجة إنفجار عبوة ناسفة مزروعة بسيارته في عين الباردة شرق مدينة جسر الشغور.
عمليات الاغتيال هذه والتي تنفذ بصمت، ودون ترك أي اثر، كان قد سبقها اغتيال ياسين الشيخ بزينة أبو ياسر أحد مؤسسي جيش الإسلام الوهابي وضابط الارتباط بين غرفة الموك في عمان وجيش الإسلام أثناء سيطرت الأخير على دوما بالغوطة الشرقية . تم اغتياله في مدينة الباب على يد أبو علي حديد "محمد كبريته " القيادي الأمني فيما يسمى "جيش الإسلام" والمسؤل عن الاغتيالات في المكتب الأمني برئاسة عمر الديراني " أبو قصي" جاءت عملية الاغتيال بعد اعتقال وجدي نعمة الملقب إسلام علوش والمتحدث باسم جيش الإسلام سابقاً في فرنسا، والذي اعترف بخطف وقتل عميلة الاستخبارات الفرنسية من مكتبها في دوما عام 2013 ، وجاء في اعترافات وجدي نعمة بحسب حسام طالب الخبير في شؤون الجماعات المسلحة، قرار زهران علوش الديراني وأبو هاشم الوزير وأبو عبد الرحمن كعكه بحضور أبو ياسر الشيخ بزينة وياسر دلوان، بخطف وقتل رزان زيتونة، ومن حينها بدأت المخابرات الفرنسية متابعة الاسماء المشاركة بعملية خطف زيتونة ورفاقها، تمهيداً لاعتقالهم ومحاسبتهم ليس على جرائمهم ضد الشعب السوري بل المحاسبة فقط على خطف زيتونة" واضاف طالب ان " حرب التصفيات بدأت بين القيادات الإرهابية لطمس الأدلة عن عملية الخطف هذه " وتابع ان " قيادات جيش الإسلام كانت تدرك أن الاستخبارات الغربية التي دعمتهم كانت قد زرعت في صفوفهم عملاء لسيتطيعوا الضغط عليهم والخلاص منهم في حال انتهاء دورهم لذلك سعوا لتصفية العملاء التابيعين للاستخبارات الغربية بشكل مستقل عن الجماعات الإرهابية ومنهم محمد طباجو ورزان زيتونه".
قطف الرؤوس الصامتة، تدلل على التخبط الذي تعيشه المجموعات الارهابية المسلحة، بعد اقتراب سيطرة الجيش السوري على كافة المناطق التي تتحصن فيها تلك المجموعات، ما يرشح ارتفاع وتيرتها في الايام القادمة، اثر الخلافات الحادة بين مختلف صنوف تلك المجموعات، والصراع في داخلها على اقتسام الاموال التي وصلتهم من الدول المشغلة لهم.