لا تزال آليات تطبيق الاتفاق الروسي ــ التركي الأخير، الخاص بشمال غربي سوريا، محلّ بحث بين مسؤولين عسكريين من الجانبين، فيما يبدو مصير الطريق الدولي (حلب ــ اللاذقية/ M4) ومحيطه القريب، محل اهتمام واسع توازياً مع «الهدنة» النافذة.
وفق ما أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، سيتم تقسيم مهام الرقابة والأمن على جانبي «M4» بين الجيشين الروسي والتركي، على أن تتولى الشرطة العسكرية الروسية جنوبه، والأتراك شماله.
ولفت جاويش أوغلو إلى أن وفداً عسكرياً روسياً وصل اليوم الثلاثاء إلى أنقرة لإجراء محادثات حول تفاصيل الاتفاق، حُددت لها مدة سبعة أيام منذ إبرامه.
وبينما نصّ الاتفاق على تسيير دوريات مشتركة روسية ــ تركية، على الطريق، لم يتضح مصير مناطق سيطرة الفصائل المسلحة التي تدعمها تركيا، جنوبه، في حين قال جاويش أوغلو إن روسيا «ستضمن» وقف أي محاولة من جانب القوات الحكومية لدخول «الحزام الأمني» في محيط الطريق الدولي.
تحضيرات حكومية
بدأت أعمال صيانة الطريق «M4» من جانب محافظة اللاذقية، بما يضمن تأهيله ليصبح جاهزاً للعمل.
وغطّت أعمال الورش الفنية مسافة تصل إلى نحو 37 كيلومتراً عند مدخل مدينة اللاذقية، ليبقى مصير المنطقة الخارجة عن سيطرة الجيش السوري، معلقاً بمصير المحادثات الروسية ــ التركية.
وأوضح محافظ اللاذقية إبراهيم السالم، في حديث للصحافيين، أن «الأعمال وصلت إلى مسافة 40 كيلومتراً تقريباً من مدخل اللاذقية وبقي نحو 7 كيلومترات ضمن الحدود الإدارية للمحافظة، والتي سيتم الانتقال إليها خلال الأيام المقبلة في حال سمحت الظروف بذلك».
«عروض» تركية بالجملة
بينما تنشغل أنقرة بالتفاوض مع الأوروبيين حول ملف اللاجئين والمهاجرين، يقدّم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، عروضاً إلى كل من واشنطن وموسكو، لضمان «شراكة» بلاده مع الطرفين، كما مصالحها في سوريا، إذ أوضح أردوغان أن الجانب الأميركي خفّف من تعنته في رفض تسليم تركيا منظومة «باتريوت»، شارحاً للصحافيين على متن الطائرة التي أقلّته في رحلة العودة من بروكسل: «قدمنا هذا العرض إلى الولايات المتحدة حول باتريوت: إذا كنتم ستعطوننا باتريوت فلتفعلوا ذلك. نحن نستطيع أيضاً شراءها منكم».
وأضاف القول: «هم أيضاً خفّفوا (موقفهم) بشكل كبير بشأن قضية [إس ــ 400]. إنهم الآن عند نقطة: نريد منكم وعداً بأنكم لن تجعلوا منظومة [إس ــ 400] تعمل».
ولاقى المبعوث الأميركي الخاص إلى سوريا، جايمس جيفري، تصريحات أردوغان، وقال للصحافيين خلال مؤتمر عبر الهاتف من بروكسل: «نبحث ما يمكن لحلف شمال الأطلسي فعله... وكل شيء مطروح على الطاولة».
وفي المقابل، أكد جيفري الذي كان يتحدث وبجانبه السفير الأميركي في تركيا، ديفيد ساترفيلد، على حاجة أنقرة إلى توضيح موقفها من شراء منظومة «إس ــ 400» الروسية.
بالتوازي، قال الرئيس التركي إنه طلب من نظيره الروسي فلاديمير بوتين، التشارك في إدارة حقول النفط في محافظة دير الزور في شرق سوريا بدلاً من «قوات سوريا الديمقراطية» التي تسيطر على الحقول الآن.
وأوضح للصحافيين على متن طائرته بالقول: «عرضت على السيد بوتين أنه إذا قدم الدعم الاقتصادي فبإمكاننا عمل البنية ومن خلال النفط المستخرج هنا، يمكننا مساعدة سوريا المدمّرة في الوقوف على قدميها».
ولفت إلى أن بوتين يدرس العرض، الذي قُدّم خلال محادثات في موسكو الأسبوع الماضي، مضيفاً أنه يمكنه تقديم عرض مماثل للرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وقال أردوغان: «بدلاً من الإرهابيين الذين يستفيدون هنا، ستكون لدينا الفرصة لإعادة بناء سوريا من عائدات هذا (النفط). سيكون من شأن هذا أيضا إظهار من الذي يسعى لحماية وحدة سوريا ومن الذي يسعى للاستحواذ عليها».
أنقرة غاضبة من الإعلام الروسي
اعتبر وزير الخارجية التركي، أن وسائل الإعلام الروسية تناولت مشاهد «بروتوكولية روتينية» تظهر انتظار أردوغان لوقت طويل نسبياً قبل لقاء بوتين، بطريقة تعكس «قلة احترام»من قبلها.
وقال جاويش أوغلو: «لم يكن صائباً من وسائل الإعلام الروسية تناولها (المشاهد البروتوكولية) بهذا الشكل»، متهماً تلك الوسائل «بانتهاج الدعاية السوداء بحق تركيا» كلما مرت العلاقات الروسية ــ التركية بأزمة.
ولفت إلى أن وسائل الإعلام التركية المعارضة أبدت امتنانها من تلك «الدعاية السوداء ضد الرئيس أردوغان».