أثار موضوع الازدحامات التي شهدتها شوارع المحافظات بشكل عام ودمشق بشكل خاص، خلال اليومين الماضيين التاليين لاتخاذ الفريق الحكومي مجموعة القرارات الأخيرة، الدهشة وأضحت حديث الشارع السوري بشقيه، الواقعي والافتراضي على صفحات مواقع التواصل.
وأعادت القرارات الأخيرة للفريق الحكومي المكلف باتخاذ إجراءات التصدي لوباء كورونا في سوريا الناس إلى الشوارع، ونشرت صحيفة “الوطن” شبه الرسمية، صوراً تظهر حجم الازدحام الشديد في شوارع دمشق، وبات المواطن حائراً أمام سؤال “ما الذي تريده الحكومة منّا بالضبط ؟
وجاءت حزمة القرارات التي خرج بها اجتماع الفريق مع رئيس الحكومة، عماد خميس، يوم السبت لتخفف من الإجراءات المشددة على الفعاليات التجارية والأسواق، لتعود معظم الفعاليات والنشاطات لكن بشكل تدريجي و”مبرمج” بحسب القرار.
فبعد إيقاف المدارس والجامعات ووسائل النقل، استثنى الفريق الحكومي بدايةً المحلات الغذائية من إجراءات الإغلاق ثم عاد واستثنى الصيدليات الزراعية ثم استثنى محلات إصلاح الإطارات ثم استثنى محلات إصلاح السيارات ثم اسثنى محلات العدد الصناعية والمفاتيح والألمنيوم والحدادين والموبايلات.
ثم سمح بإعادة افتتاح المحلات التجارية والصناعية ومحلات الحلاقة، لكن بشرط افتتاح كل فعالية في يوم محدد من الأسبوع، وهو الأمر الذي وجد فيه البعض أحد مشاهد “الكوميديا السوداء” التي تسبب زيادة في “الازدحام الاجتماعي” عوضاً عن “التباعد الاجتماعي”.
فما هو الأمر الذي استجد في سوريا بما يخص فيروس كورونا المستجد، والذي يسمح بفتح المحلات يوم واحد في الأسبوع؟ وبالتالي زيادة الازدحام مع إقبال كل الناس على نفس المحلات وفي ذات الوقت وهو الأمر الذي يمكن توقعه بشكل منطقي.
في هذه الحالة التي تدعو للدهشة، يتبادر إلى الذهن بأن فيروس كورونا الخاص بمحلات الألبسة والأحذية، يعطل يومي الاثنين والأربعاء، بينما يدخل فيروس كورونا المخصص للخياطين، ومغاسل السيارات والحلويات والأدوات الصحية والأجهزة الخليوية في منع تجول أيام الثلاثاء والخميس.
ويتساءل الكثيرون ما هي الاستراتيجية التي بنى عليها الفريق الحكومي مجمل تلك القرارات وماهي الآليات العلمية والنصائح الطبية التي اتخذ وفقها قراراته الأولى بالحجر والحظر ثم قراراته اللاحقه بالإفراج المبرمج عن الأعمال والمحلات التجارية والأسواق.
فإذا كان منحنى الإصابات هو المعيار للإجراءات الاحترازية فإن منظمة الصحة العالمية صدعت رؤوسنا بأن الأسوأ لم يأتِ بعد وأن ذروة انتشار الفيروس لم تحن بعد.
وإذا كان الوضع الاقتصادي للناس التي بدأت تعاني فقدان الدخل هو المعيار للإجراءات الاحترازية فإن المصيبة أكبر لأن أي انسان عاقل يعلم بأن جل العائلات السورية لن تستطيع العيش أكثر من شهر من دون مصدر دخل.
وفي الوقت الذي بدأ فيه الكثير من السوريين بإعادة افتتاح محلاتهم وأعمالهم ومصادر رزقهم بكل مافي ذلك من مخاطرة، يصر آخرون على التزام منازلهم مع استمرار ايمانهم بأهمية إجراءات الحجر المنزلي، في ظل عدم وجود استراتيجية واضحة لدى الحكومة، أو عجزنا نحن المواطنين عن فهمها.