رحلة شاقة خاضتها مدينة ووهان الصينية في مواجهة فيروس كورونا المستجد لتتحول بفضل التعاون المسؤول بين السلطات والسكان والإجراءات الصارمة التي تم اتخاذها على نحو سريع وفعال من مركز لانتشار الفيروس إلى مدينة تنتصر عليه وتعود إلى الحياة الطبيعية لتبعث بذلك الأمل إلى دول العالم بإمكانية التغلب على الفيروس.
77 يوماً أمضاها سكان ووهان البالغ عددهم 11 مليون نسمة تحت حظر صحي يعد الأطول في العالم ملتزمين منازلهم في تعاون كامل ومنظم مع إجراءات الحكومة الصينية للتصدي لفيروس كورونا الذي هدد المدينة بأكملها فضربوا بذلك مثالاً يحتذى بالصبر والالتزام والوعي الأمر الذي عاد عليهم بنتائج إيجابية فالمدينة التي لقبت خلال الأشهر القليلة الماضية ببؤرة كورونا الأولى أصبحت اليوم بعد إعلان السلطات الصينية رفع الحظر عنها مدينة الإصرار على الحياة والأمل والانتصار على الفيروس.
ووهان التي تعد سابع أكبر المدن اكتظاظاً بالسكان في العالم وأكثر المراكز الصناعية والاقتصادية أهمية شهدت تفشي فيروس كورونا في كانون الثاني الماضي وسجلت آلاف الإصابات به يومياً إلى أن تجاوز العدد الإجمالي عتبة الخمسين ألف حالة والوفيات 2500 حتى بدأت الإجراءات الصحية المشددة والفعالة التي اتخذتها الحكومة الصينية تظهر نتائج إيجابية لتتراجع أعداد الإصابات المسجلة في المدينة والصين عموماً بشكل تدريجي لتعلن السلطات في الـ 19 من آذار الماضي عدم تسجيل أي إصابات جديدة بالفيروس في ووهان للمرة الأولى منذ أن بدأت عمليات الإحصاء.
حالة المراقبة الحذرة والالتزام بالإجراءات الصحية المشددة في ووهان استمرت رغم الأنباء المبشرة بعدم تسجيل إصابات جديدة إلى أن أعلنت السلطات الصينية أمس الأول رفع الحظر عن السكان والتجمعات السكنية وكل وسائل النقل والمواصلات من المدينة وإليها إضافة إلى افتتاح محطة القطارات والمطار مجدداً مع الحفاظ على الإجراءات الصحية.
الانتصار على كورونا لم يقتصر على ووهان بل شمل المدن والمقاطعات الصينية بمجملها حيث أعلنت الصين أمس الأول أنها لم تسجل أي حالة وفاة ناجمة عن الإصابة بالفيروس في البر الرئيسي الصيني أو إصابة محلية بسببه ليقف العدد الإجمالي للإصابات هناك عند 81740 حالة بينهم 1242 مريضاً ما زالوا يتلقون العلاج و77167 غادروا المستشفيات بعد تماثلهم للشفاء بينما توفي 3331 شخصاً جراء الإصابة بالمرض.
الصين حققت نقطة التحول في مكافحة جائحة كورونا على الرغم من انتشاره إلى أكثر من مئتي دولة حول العالم وكان المفتاح الرئيسي لنصرها السرعة في اتخاذ التدابير اللازمة لحماية السكان إضافة إلى مجموعة من الإجراءات الحاسمة التي شملت حظر السفر والتنقل وفرض الحجر الصحي الإلزامي على مدن بأكملها بالتوازي مع إرسال كبار علمائها المختصين في مجال الأوبئة إلى مدينة ووهان برفقة أطقم كبيرة من العاملين في مجال الصحة والاستعانة بأحدث الوسائل الإلكترونية لتحديد المصابين وعزلهم لمنع انتشار العدوى أكثر.
الإجراءات والتدابير الصينية الواسعة لمواجهة الفيروس أقرت دول العالم بفعاليتها وسارعت إلى تطبيقها بعد تفشي الوباء وتسلله من بلد إلى آخر.
مدينة ووهان التي لقبها كثيرون بمدينة الأشباح بعد خلو شوارعها إلا من الطواقم الطبية خاضت الحرب ضد كورونا وانتصرت عليه لتوجه بذلك رسالة أمل إلى العالم بإمكانية هزيمة الفيروس وترسم لبقية الدول طريق النجاة عبر اتباع الإجراءات ذاتها بنفس الفعالية والدقة والالتزام وقد سارعت الصين إلى مد يد العون لجميع دول العالم من أجل التغلب على جائحة كورونا مؤكدة عزمها المشاركة في التعاون الدولي للوقاية والسيطرة على الفيروس.