بقلم الدكتور عبد الهادي طهمازي
تعد ظاهرة السباب والشتم والقذف -يعني أتهام المسلمين بالزنا- من أشد الأمراض النفسية والاجتماعية في مجتمعنا، وهي تدل بلا ريب على تدني الأخلاق وفقدان أبسط قيم الالتزام بتعاليم الإسلام.
ما هو الرمي أو القذف (الشتائم)
قال تعالى: ((وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ))
الرمي: هو قذف العفائف بالزنى وكذلك إتهام الرجال بارتكاب فاحشة الزنا، فالرمي (القذف) في الواقع يعمُّ حالتين:
الأولى: أن يدَّعي شخص على آخر رجلا كان أم امرأة بارتكاب الفاحشة. كأن يقول: فلان زنى بفلانه.
الثاني: أن يقوم شخص بشتم شخص آخر فينسبُهُ إلى الفاحشة أو ينسب الفاحشة إلى أمِّهِ أو أبيه، كأن يقول له: يا بن الزاني، أو الزانية أو ما شابه ذلك من مفردات قاموس الشتيمة.
وما عليه فقهاؤنا: إن الحكم الشرعي يثبت حتى بالكلمات العامَّية والتي يتداولها بعض الناس دون أي تحرُّج وللأسف الشديد.
بل لا يجوز حتى على سبيل المزاح أن يقول لزوجته: قحبة، وإذا شتم ابنه بالقول مثلا: ابن القحبة فللزوجة رفع أمرها للحاكم الشرعي لإقامة الحد عليه.
فكل منْ يرمي محصنا سواء أكان رجلا أو امرأة عليه أن يُحضِر أربعة شهداء يشهدون بذلك، لأنّ البينة في ارتكاب الفاحشة ليست كما هي في سائر الأمور الأخرى، بل فيها تشديد، فقد يكفي في إثبات بعض الأمور شاهدين عدلين، لكن في قضية إثبات الفاحشة (الزنى) يحتاج إلى أربعة شهداء، فإنْ لم يأتي الرامي أو القاذف (الشاتم) بأربعة شهداء، فهنا يجب أن يقام عليه الحدِّ الشرعي، وهو كما ذكرت الآية المباركة ثمانون جلدة، لكن هذا الحكم في المرَّة الأولى.
فإذا كرَّر مثل هذا القول ثانية سواء مع نفس الشخص الأول أو شتم أو قذف غيره، فإنَّه يُضرب ثمانين جلدة أيضاً.
فإذا تكرر منه ذلك للمرَّة الثالثة، فإنَّه يُقتل على رأي السيد الخوئي، ويحتاط بعض الفقهاء فيقولون إنَّه يُقتل في المرَّة الرابعة، لأنَّه عنصر فاسد كثير الشرِّ، ويخشى خطره وضررهُ على المجتمع.
حكم السباب
أمَّا غير القذف أو الشتم المعبَّر عنه بالسباب، مثل أن يقول له: يا حمار أو ابن الكلب وما شاكل ذلك من هذه التعبيرات النابية، فللحاكم الشرعي أن يغزره بما يراه مناسباً كعشر سياط أو عشرين سوطاً أو أكثر إلى تسع وسبعين سوطاً حسب ما يراه الحاكم من المصلحة.