بقلم :
د. عبد الهادي الطهمازي
روي عن الإمام الصادق (ع) أنه قال: ((من روى على مؤمن رواية، يريد بها شينه، وهدم مروءته، ليسقط من أعين الناس. أخرجه الله من ولايته إلى ولاية الشيطان فلا يقبله الشيطان)).
من الظواهر السلبية التي انتشرت في مجتمعنا، ظاهرة التسقيط الاجتماعي أو اغتيال الشخصية.
فمن المؤسف أن التسقيط الاجتماعي أصبح سمة بارزة، وعلامة فارقة من علامات مجتمعنا وللأسف.
ويتم ذلك غالبا بواسطة الاشاعات والأكاذيب وتأويل كلام الشخص المستهدف بالتسقيط الى غير مقاصده، أو التهريج ضده فيما يطرح من رؤى وأفكار، الى غير ذلك من أساليب شيطانية خبيثة.
وأهداف عمليات التسقيط التي تطال هذا وذاك، وخصوصا الشخصيات المؤثرة في المجتمع، أهداف واضحة: كتشويه سمعة الشخصية المستهدفة، وتقبيحها أمام الناس، وإسقاطها من نظر المجتمع، وإفقادها اعتبارها المعنوي.
وأسباب التسقيط كثيرة ومختلفة، منها:
1-الحسد
يقول الشاعر:
حسدوا الفتى إذ لم ينالوا سعيه
فالقوم أعداء له وخصوم.
كضرائر الحسناء قلن لوجهها
حسدا وبغضا إنه لدميم
فالبعض عاجز عن التميز وحجز مكانة اجتماعية بواسطة عطاء علمي أو أدبي أو ثقافي أو اجتماعي أو أي عمل مثمر، فيلجأ للتميُّز على الآخرين من خلال إسقاط الفاعلين والمميزين، والتقليل من أهمية ما يقدمونه من عمل، واغتيال شخصياتهم، بمعنى إفقاد الشخص قيمته الاجتماعية.
ثم يأتي المستوى الثاني من الأهداف وهو كسب الجمهور المؤيد لتلك الشخصية، وتفريق الناس عنه، وإضعاف مستوى تأثيره في المجتمع.
2-تضارب المصالح
سواء أكانت مصالح مادية أو سياسية أو اجتماعية، فإذا تقاطعت مصلحة شخص مع آخر أو جماعة مع أخرى، أو أن اتجاهاته تختلف عن اتجاهات الآخر، هذا يوالي جهة وذاك يوالي جهة أخرى.
فيصبح بذلك عند من لا يخافون الله هدفا يسعى لتشويه سمعتهم وتدمير مكانتهم لينفر منهم الناس ثم كسب الجمهور المؤيد لذلك الشخص أو الجماعة.
3-ثقافة الكراهية
من الإفرازات التي خلفتها الحروب والاقتتال الدائم في البلد هي نشر ثقافة الكراهية، وانعدام مشاعر حب الخير للناس.
فالبعض بسبب انانيتهم وحقدهم غير المبرر على الآخرين يحاول حتى وإن لم تكن له مصلحة شخصية في ذلك: لا مادية ولا ومعنوية، ولا هو ممن يتقاطع معه في مصلحة معينة، ومع ذلك تراه يكره هذا وذاك من الناس تقربا للشيطان.
وهؤلاء أسوء النماذج جميعا، لأن حقده وبغضه ينطوي على سوء سريرة، وتربية فاسدة والعياذ بالله.
4-الجهل
بعض الناس لا يفهم ما تقول، وبالتالي يعاديك لهذا السبب، فهو يعتقد أن كل كلام لا يفهمه غير صحيح، وهذه الحقيقة أقرها الإمام علي (ع) بقوله: (الناس أعداء ما جهلوا).