لا تهدأ الخاصرة الشمالية لسوريا، الجيش السوري بالرغم من العاصفة الجوية التي تضرب البلاد، الا انه ما زال يطرق الحديد وهو حام، حيث انتهى وقت الكلام، والجيش اتخذ القرار بانهاء الارهاب في تلك البقعة من محافظة ادلب، والمقيم فيها منذ سنوات.
بيانات الاستغاثة التي اطلقها المسلحون، بعد سيطرة الجيش السوري على مدينة جرجناز، كان وقع صداها في البيت الابيض الذي هب للدفاع عن تلك المجموعات عبر ترامب، الذي ابدا اهتمامه بحماية المسلحين هناك، وامتدح تركيا التي تسعى للحفاظ على هذا الكيان الارهابي في شمال سورية، فالعقل المخطط لتلك المجموعات لم يستوعب بعد انه خسر جرجناز وبات الجيش السوري قاب قوسين او ادنى من معرة النعمان.
الجيش الذي يتابع تقدمه عبر جنوب وشرق ادلب، يزيد رصيد سيطرته في تلك المناطق، عبر تطهيره عدة بلدات وقرى كان ابرزها بلدة السمكة وقرى الدليم وخوين الشعر والدليم والمشاميس وجديدة نواف، مستفيدا من تكتيكات عسكرية تنفذها وحدات ذات خبرة عالية في هذا النوع من الحروب، ويبقى القضم التدريجي هو الانسب لقادة الجيش، بعد عمليات تطويق وعزل للقرى، وقطع عنها التواصل الجغرافي مع محيطها، بينما تتميز تلك التكتيكات بأن السيطرة النارية لوحدات الاسناد الناري السورية، تقطع طرق امداد المسلحين، وتقيد تحركهم، او تنفيذ اي مناورات هجومية او دفاعية، وتلغي من حساباتهم قدرتهم على الاخلاء، وهذا ما يمنح وحدات المشاة المدربة القدرة على التقدم والتعامل مع كل قرية كهدف مستقل، ويضع خطوات جنود الجيش بالقرب من الطريق الدولي حلب دمشق، بمسافة اصبحت تقدر بأقل من خمسة كيلومترات، بعد انجازه العسكري الابرز وهو السيطرة على مدينة جرجناز.
معركة معرة النعمان، شكل فيها التمهيد المدفعي والغارات الجوية اساساً وركيزة على تدمير تحصينات المجموعات الارهابية، وهذا سهل القضم لمواقع المسلحين، هذه المواقع التي كانت عسكرية، وبعد دخول الجيش اصبحت سهولاً في برية، لا يسمع عن طرف آخر كان هنا، بحيث انصهر المسلحون وغربوا عن وجه الأرض، لتدخل حاليا بلدات تلمنس وحيش وبابولين ومعرشمشة، خط التمهيد الناري، حيث يدمر الجيش تحصينات الارهابيين ومقراتهم ومواقع انتشارهم وسط معلومات عن انسحاب معظم المجموعات الارهابية من محاور القتال.
التحصينات الدفاعية لجبهة النصرة والمجموعات المسلحة المرتبطة بها، تساقطت بسرعة كبيرة، كما تتساقط نقاط المراقبة التركية التي انشأت وفق التفاهم الروسي التركي في سوتشي، فبعد نقطة الصرمان الثامنة في الشمال السوري، والتي باتت في حصار بالكامل، بات الجيش قريبا من حصار النقطة التركية في منطقة معر حطاط، والتي سيكون بعدها الجيش السوري قد وضع مدينة معرة النعمان بين فكي الكماشة، من الجهة الشرقية والجنوبية، ما يسهل اقتحامها من قبل وحدات النخبة، والسيطرة عليها، وستشكل تلك السيطرة مرحلة جديدة من انتصارات الجيش وانهيار المجموعات الارهابية، وذلك لعدة اسباب، من اهمها، ان مدينة معرة النعمان تعد من اكبر المدن التي يتواجد فيها الارهاب، والتي تقع على كتف الطريق الدولي المعروف بM5، ويعتبر موقعها الجغرافي مركزي ومؤثر في سير اي معركة عسكرية قادمة، وسيرخي بظلاله ايضا على اي تفاهمات سياسية قادمة، كونها تبعد عن مركز مدينة حماة 64 كيلو متراً، وتربطها بحماة طريق يصل طوله الى 60 كيلو متراً، ولا يمكن التنقل بين ارياف ادلب الغربية او الشرقية او الشمالية الا عبر معرة النعمان.
بالطبع تعتبر مدينة معرة النعمان من الناحية عدد السكان، ثاني اكبر مدينة في محافظة ادلب، وتحظى تضاريس المدينة بأهمية بالغة كونها تقع في منقطة منبسطة، ستسهل على الجيش التقدم باتجاه مدينة سراقب، والتي يكون مركزها الجغرافي عقدة صلة وتواصل في الخارطة السورية، كما سيكون للجيش اطلالة عبر مدينة معرة النعمان على جبل الاربعين الاستراتيجي ومدينة اريحا في المقلب الاخر، إن معركة ريف ادلب تتحدث عن نفسها وستخبرنا الكثير الكثير، عن تكتيكات وبطولات الجيش السوري والحلفاء، فهي معركة مفصلية موثقة بالدم والعزة، إيذانا بنصر أبيض على إرهاب أسود، فحطمت خرافته، وقطعت يده.