سقوط ما سمي بالتسوية الرئاسية بين باسيل والحريري على محك الانفصال النهائي والامر يتوقف على مدى نجاح الحكومة اللبنانية الجديدة.
قبل ثلاثة اعوام ابرمت الصفقة السياسية بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل والتي سميت آنذك بالتسوية الرئاسية التي كانت تفضي بان يكون سعد الحريري رئسا للحكومة اللبنانية على مدى عهد رئيس الجمهورية ميشال عون.
ولكن ما آلت اليه تطورات المشهد السياسي اللبناني والتي خرج بنتيجتها سعد الحريري من السلطة وتکلیف حسان دياب بتشكيل حكومة انقاذية تشي بان العلاقة بين البرتقالي والازرق تمضي نحو الانفصال الكلي وهذا ما برهنت عنه المواقف المتبادلة بين الطرفين وتقول المصادر المتابعة ان ما بدأ منذ نحو ثلاث سنوات على اعتباره سمناً وعسلاً بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس الحكومة في حينه سعد الحريري، سقط بعد ان ترنّح منذ استقالة الحريري في تشرين الاول الفائت.
مع بدء تدهور العلاقة بين رئيس الحكومة المستقيل ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل فبدا وكأن الامور قد انقطعت تماماً بين عون والحريري على خلفيّة التصريحات التي ادلى بها كل منهما، في حين ابقى الثاني على دبلوماسيته من خلال اتصال هاتفي اجراه بالاول للتهنئة ب عيد الميلاد .
ولكن تبدو الامور متّجهة الى المزيد من التدهور وقد تصل الى حد القطيعة السياسية الكلية بينهما، وهو امر مرتبط تماماً بمدى نجاح رئيس الحكومة المكلف حسان دياب في الخروج بثقة مجلس النواب بحكومة اختصاصيين اولاً، وبتدابير تعيد الثقة الى اللبنان يين بدولتهم في المرحلة الثانية.
وتضيف المصادر اذا تحقق هذا الامر، فهذا يعني حكماً ان جرّة عون–الحريري لن يمكن اصلاحها، وان كل ما قيل سابقاً عن كون الحريري رئيس الحكومة المطلق لعهد عون سيذهب ادراج الرياح وقد يحمّل البعض باسيل مسؤولية تردّي هذه العلاقة، وقد يرى البعض الآخر ان الامور ما كانت لتنجح طوال هذه الفترة اصلاً وان الخلاف كان سيتم عاجلاً ام آجلاً. بغض النظر عن المسؤول عن فشل استمرار العلاقة، فإن الثابت هو ان عودتها مرتبطة اولاً بعدم نجاح دياب في مهمته، وثانياً باستمرار دعم الثنائي الشيعي له، وثالثاً والاهم هو ان باسيل سيكون مهندس العلاقة وهو الدور الذي لعبه في البداية، ما يعني عملياً اعادة الحياة الى خط باسيل- الحريري، وهو امر سيكون بالغ الصعوبة في ظل المعطيات الجديدة التي طرأت، اضافة الى الحيطة والحذر والريبة التي ستعود الى مختلف الاحزاب والتيارات التي ستجد نفسها مجدداً خارج اطار هذه العلاقة مع كل ما تحمله من تفاهمات على الاصعدة كافة حسب المصادر فيما من المستبعد ان تشكل عودة حيوية الثنائي الشاب مشكلة كبيرة بالنسبة الى المؤيدين والمنتسبين للتيارين، لانه عندها ستختفي اصوات "الصقور" وتعلو اصوات "الحمائم" من جديد.
وتتابع المصادر المطلعة من المبكر الحديث عن التطورات التي سيحملها المستقبل لعلاقة عون–الحريري، ولكن الثابت انها لن تكون كما انطلقت قبل التسوية الرئاسيّة التي ادخلت لبنان في مرحلة جديدة دافع عنها الفريقان بشراسة، وحتى لو عادت المياه الى مجاريها، فإن حلقة الثقة ستبقى ناقصة، بفعل الكلام والاحداث التي صدرت خلال الفترة القصيرة السابقة. قد لا يكون دياب بديل الحريري لناحية بقائه في السراي الكبير طوال الفترة المتبقية من ولاية عون ولو انه نجح في تخطي هذه المرحلة، ولكنه سيكون السبب الاساسي في بقاء الحريري خارج منصب رئاسة الحكومة للسنوات الثلاث المقبلة، ما سيجعله حتماً في خانة المعارضة حيث سيعمد الى رص الصفوف واعادة ترميم قوة تياره السياسي، وسيجهد لإعادة نسج شبكة الاتصالات والعلاقات الدولية التي تركها له والده، وهي مهمة لن تكون سهلة بطبيعة الحال بعد انفصاله عن لقب رئيس مجلس وزراء لبنان لفترة لا يعلم احد مداها.
وتختم المصدر بان الايام المقبلة حاسمة في تحديد مسار مصيرين:
الاول:رئيس الحكومة المكلف الذي سيعمل على استغلال الفرصة التي سنحت له والتي بامكانها تعزيز حياته السياسية بشكل غير مسبوق.
والثاني:العلاقة التي تربط رئيس الجمهورية برئيس الحكومة المستقيل وتلك التي تربط الاخير بوزير حالخارجية المستقيل. فحتى الآن تبدو الامور وكأنها تصب في خانة دياب اكثر منها في خانة الحريري، ولكن لبنان بلد العجائب السياسية، وقد نستيقظ على معطيات تقلب الامور رأساً على عقب، وما علينا سوى الانتظار، علماً ان الفترة لن تكون طويلة ودائما على ذمة المصادر المتابعة.