في خطوة متوقعة .. لم يضيع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أي وقت بعد إفلاته من إجراءات المساءلة وتبرئة ساحته في مجلس الشيوخ فأطلق حملة انتقامية شرسة ضد خصومه الذين شاركوا الديمقراطيين في محاكمته بتهمتي عرقلة عمل الكونغرس واستغلال السلطة بدأها بإقالة السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي غوردون سوندلاند وطرد المسؤول في مجلس الأمن القومي الأمريكي اللفتنانت كولونيل اليكساندر فيندمان من البيت الأبيض.
نواب ديمقراطيون ووسائل إعلام أمريكية عدة وصفوا تحرك ترامب ضد سوندلاند و فيندمان اللذين أدليا بشهادتيهما في إطار التحقيقات الهادفة إلى عزله من منصبه بأنه “عقاب سريع” أو “انتقام” من أولئك الذين كشفوا الانتهاكات التي قام بها أو أعلنوا استعدادهم للشهادة أمام مجلس النواب في إطار محاكمته على خلفية طلبه مساعدة أوكرانيا من أجل التدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
الحركة الانتقامية من قبل ترامب والتي تحمل مؤشرين واضحين أولهما عزمه معاقبة خصومه وثانيهما تهديد مباشر للمشاركين في إجراءات مساءلته جاءت بعد يومين فقط من تبرئته ولم تمض ساعات قليلة على طرد فيندمان من البيت الأبيض حتى اعلن سوندلاند في بيان نقلته وسائل إعلام أمريكية أنه “تم إبلاغه بأن ترامب يعتزم استدعاءه في الحال من منصب سفير الولايات المتحدة لدى الاتحاد الأوروبي” .
شهادة سوندلاند وفيندمان ضد ترامب كشفت الكثير من الانتهاكات التي ارتكبها على صعيد السياسة الخارجية فالسفير الأمريكي كان أحد الشهود الرئيسيين في تحقيقات قضية أوكرانيا وقد أكد أنه نفذ أوامر ترامب لعقد صفقة مع كييف مقابل فتح تحقيق بشأن منافسه في الانتخابات الرئاسية جو بايدن أما بالنسبة إلى فيندمان فقد كان حاضرا خلال المكالمة الهاتفية التي جرت في الـ 25 من تموز الماضي وطلب خلالها ترامب من نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي فتح تحقيق ضد بايدن ونجله ومن هنا يتضح حجم الضرر الذي ألحقه الاثنان بصورة الرئيس الأمريكي وحملته الانتخابية المقبلة وإصراره على عقابهما .
خصوم ترامب من الحزب الديمقراطي سارعوا إلى التنديد بإقالة سوندلاند وفيندمان حيث وصف السيناتور رون وايدن هذه الخطوة بحسب ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية بأنها “فعل إساءة استخدام للسلطة جديد من جانب ترامب”.
ولم يكن الخطاب الذي أدلى به ترامب عن حالة الاتحاد قبل ساعات من إعلان تبرئته وحوله إلى خطاب ترشح واضح للانتخابات الرئاسية المقبلة الفعل الاستفزازي الوحيد الموجه ضد الديمقراطيين فقد حمل خطابه الثاني خلال مراسم إفطار “يوم الصلاة الوطني” وهو حدث سنوي يشارك فيه الحزبان الجمهوري والديمقراطي تهديدا مبطنا لخصومه حيث قال إن “كثيرا من الناس جرحوا ولا يمكن أن نسمح بذلك” .
ومن اللافت أن ترامب دائما ما ينجح في تحويل المحافل الرسمية مثل خطاب حالة الاتحاد ويوم الصلاة الوطني الذي يفترض به كما يشير الاسم إلى التسامح بين الخصوم إلى منصة دعائية يروج من خلالها لنفسه ويزعم فيها تحقيق إنجازات ليس لها علاقة بالواقع إلا في عقله هو فقط أما بالنسبة لما يتقن ترامب فعله أكثر من أي شيء آخر وهو الانتقام من خصومه فإن الأيام المقبلة ستكشف تداعيات محاكمته الفاشلة.