تتجه التطورات الميدانية في محافظة ادلب واريافها الى بسط الجيش السوري نفوذه على الكثير من المناطق التي كانت تخضع لسيطرة الجماعات الارهابية المحمية بالدعم العسكري والاستخباري التركي.
ووفقا لمصادر عسكرية فان الجماعات المسلحة باتت تشكل عبئا ثقيلا على انقرة التي جعلت من نفسها طرفاً مباشرا في الحرب العدوانية التكفيرية على دمشق، وبالتالي اتخاذها مواقف تدعم الارهابيين ومتاعبهم وفيهم العديد من الاجانب القادمين عبر تركيا الى الاراضي السورية.
لقد قام الارهابيون بغزو سوريا ـ كما غزوا العراق من قبل ـ على خلفية اجندات عقائدية منحرفة سوّلتها لهم البلدان والاطراف التي تضمر الشر لسوريا انتقاماً من تمسكها بمشروع المقاومة والممانعة بوجه التوسع الصهيوني ـ الاميركي في الشرق الاوسط.
بيد ان الصمود السوري طيلة الاعوام التسعة الماضية والذي لقي مناصرة لا محدودة من قبل الجمهورية الاسلامية وروسيا ومن حزب الله لبنان وقوات اللجان الشعبية المتألفة من المدافعين العراقيين والفلسطينيين والباكستانيين والافغان، تمكن من تقويض المؤامرة الدولية ،كما انه استطاع ان يضيّق الخناق على المجاميع الارهابية المسلحة، الامر الذي جعل الرئيس التركي اردوغان يطلق تصريحات مكابرة ومواقف بعيدة عن المنطق ومخالفة للقانون الدولي الذي يضمن للحكومات والشعوب المحتلة اراضيها، ان تدافع عنها وان تحررها من القوى الغازية.
من المستغرب ان يقول الرئيس التركي "ان بلاده لن تتراجع خطوة في ادلب" ملمحاً الى امكانية استخدام سلاحه الجوي لمنع الجيش السوري من التقدم في اراضيه، لان ما وراء هذا التصريح احتمالات اثارة حروب جديدة ربما تدوم لاكثر من المدة المتبقية من فترة رئاسة اردوغان، الامر الذي يعزز الاعتقاد بان انقرة غير مهتمة بعودة الامان والاستقرار والسيادة الى ربوع سوريا، وبانها لم تتخل عن احلامها بضم مناطق بعينها من سوريا والعراق الى تركيا.
واقع الامر ان النظام التركي الاردوغاني الذي طبّل كثيراً لنظرية تصفير المشاكل مع سوريا وغيرها من البلدان، كان له دور مباشر في زجّ المقاتلين الاجانب (الشيشان وغيرهم) في احداث سوريا، وكان يُمني النفس ان تجري الرياح بما تشتيهه سفنه، بيد ان ما حصل بدّد اهدافه بشكل كبير.
ويرى المراقبون ان العمليات العسكرية في سوريا منذ الانتصار الاستراتيجي في تحرير مدينة حلب وريفها الغربي، وفتح مطارها الدولي للملاحة الجوية بعد توقف دام ثمانية اعوام، وجهت ضربة قاصمة للمجاميع الارهابية (جبهة النصرة وامثالها) كما اسفرت عن تغيير في موازين القوى على الارض.
ويبدو ان الرؤية التركية الى هذه التطورات الميدانية تتخطى بشكل سافر مسألة احقية دمشق بصيانة سيادتها على اراضيها وكامل ترابها في شمال غرب سوريا، الامر الذي يخوّل الدولة الوطنية السورية ان تواصل تحقيق انتصاراتها وبسط سيطرتها على اراضيها بعدما عاث فيها التكفيريون والارهابيون فساداً بدعم من تركيا التي تسوّغ لنفسها ما لا تسمح به للاخرين.