معركة ريف حلب الجنوبي تتحدث عن نفسها وستخبر الاجيال القادمة الكثير، عن بطولات ودروس عسكرية للجيش السوري والحلفاء، فالمعركة الموثقة بالدم دامت لاكثر من اسبوعين، إيذانا بنصر أبيض على إرهاب أسود.
حطمت المعركة خرافة العدو وقطعت يده، بالذات في تل العيس الاستراتيجية، والتي باتت في قبضة الجيش، هذا الخبر لا يقل اهمية عن الانجاز العسكري الذي حقق في حلب 2017 -2017، وتطهير الاحياء الشرقية من المدينة .
ضمن الحسابات الميدانية للجيش السوري، يكمن خبر السيطرة على التل المرتفع الحاكم المسيطر، في زواية هامة جدا داخل سياق العمليات العسكرية التي يشنها الجيش لتنفيذ اتفاقات استانا وسوتشي بالنار، وفتح الطرق الدولية الواصلة بين حلب ودمشق وحلب واللاذقية، ما سمح لالتقاء وحدات الجيش المتقدمة من ريف إدلب الشرقي مع القوات المتقدمة من الريف الجنوبي لحلب في محيط تل العيس بريف حلب الجنوبي.
هذه التلة لتي تعتبر خط الدفاع الاكثر تحصينا وارتفاعا كانت تتمركز فيها جبهة النصرة وحلفائها، ما يعكس حجم الخلل الذي باتت تعيشه جبهة النصرة عسكريا وتنظيميا في ريفي حلب وادلب، بالاضافة الى الاثر النفسي على المسلحين والانهيارات المتتالية امام تقدم القوات السورية وحلفائها، حيث تتيح جغرافية المنطقة لوحدات الجيش المسيطرة على تل العيس إشرافاً ناريّاً على مساحات واسعة في محيطه. بالذات في اتجاه مركز البحوث الزراعية إيكاردا وأجزاء واسعة من الاوتوستراد الدولي حلب دمشق، وستفتح مسار اضافي باتجاه بلدة الزربة الواقهة على بعد 20 كيلو مترا عن مدينة حلب في الريف الجوبي الغربي، حيث تعتبر الزربة منقطة حيوية على الطريق الدولي.
انجاز الجيش السوري الكبير في ريف حلب الجنوبي الغربي جاء بعد السيطرة على قرى وتلال وبلدات هامة وسط انهيار كبير بصفوف الجماعات المسلحة جاءت بعد عملية عسكرية انطلقت من عدة اتجاهات ابرزها جنوب بلدة العيس ومن اتجاهين رئيسيين، الفاتح منها كان من شمال شرق العيس في ريف حلب الجنوبي، والثاني من جهة القوات المتقدمة من ريف إدلب الشرقي باتجاه الأطراف الغربية لمحور العيس وذلك عبر الاوتستراد الدولي حلب دمشق، لم يغب التمهيد الناري خلال ايام عن تلك المحاور، تمكن خلالها الجيش من السيطرة على قرى وتلال وبلدات هامة منها رسم الصهريج، بانص، كوسنيا، محكلة، مريودة، حور العيس، تل باجر، عزيزية، تل كراتين، الشيخ احمد، جب الكاس، ام عتبه، تل باجر، ابو كنسة، تل التباريزو رسم العيس، واخيرا بلدة العيس وتلتها التي طوقها الجيش من ثلاث جهات كانت الشمالية والشرقية والجنوبية، وقطع الامداد عن المجموعات الارهابية ناريا من الجهة الغربية اثر السيطرة على بلدة بانص.
المصادر الخاصة لمجلة عمار جهماني، اكدت انسحاب المسلحين من الضفة الشرقية لطريق حلب دمشق الدولي في القرى الواقعة بين برنة و زيتان شمالا وابو الظهور جنوبا اضافة الى انسحابهم بشكل كامل من العيس هربا من تقدم الجيش، وسط حالة ذعر وتشتت في ادراك قادة المسلحين، واشارت المصادر الى ان النقطة التركية انسحبت باتجاه بلدة البرقوم الواقعة على الطريق الدولي. واوضح المصادر الميدانية ان فرار الإرهابيين كان باتجاه غرب الطريق الدولي M5 الذي ما زال نحو 25 كيلومترا منه خارج سيطرة الجيش بين الحدود الإدارية لإدلب وضاحية الراشدين الرابعة غرب مدينة حلب، مرورا بالإيكاردا وبلدتي البرقوم والزربة بريف حلب الجنوبي.
وان مسافة قصيرة تقدر بـ 3 كيلومترات باتت تفصل وحدات الجيش عن الامتداد المتبقي للطريق الدولي بين شمال سراقب وغرب مدينة حلب، حيث بات الجيش قريبا من السيطرة النارية على كامل هذا الامتداد، ومن الممكن أن تكون الخطوة القادمة تحرير ما تبقى من الطريق الدولي ليصبح خط دمشق – حلب آمنا بالكامل أمام حركة النقل.
تلة العيس كانت شاهدة على شجاعة والقدرة العسكرية القيادية الكبيرة الجنرال قاسم سليماني والذي قاد العمليات لتحريرها في معارك عام 2015، حيث قاد الشهيد سليماني معارك ريف حلب الجنوبي في العام ٢٠١٥ انطلاقاً من جبل عزان وصولا الى تلة العيس و كان لتكتياته العسكرية الدور الابرز في السيطرة على الحاصر والعيس و تلتها الاستراتيجية التي وصل اليها مع القوات المقتحمة، وكان القائد الشهيد قد اعتلا تلتها مشرفا بناظريه على الطريق الدولي حلب دمشق وعلى القرى المجاورة واكد خلال وجوده في اعلى التلة ان العملية مستمرة لكسر الحصار عن كفريا و الفوعة التي كان يشاهدها بالمنظار من تلك النقطة.