لم تكد تمضي أكثر من 24 ساعة على إعلان وزارة الإتصالات قرارها الخاص بوضع سقوف محددة لاستخدام الانترنت بسرعاتها المعلنة، حتى بات الموضوع، قضية رأي عام تفاعل معها السوريون بمنشوراتهم عبر فيسبوك غضبا، وصدمة، واستهزاء.
وأعلنت الهيئة الناظمة للاتصالات والبريد على صفحتها الرسمية في “فيسبوك” الثلاثاء، عن الآلية الجديدة لتقديم خدمات الإنترنت لمشتركي الخط الثابت، وتطبيق حدود الاستهلاك لخطوط“ADSL”.، بحيث تخفض سرعة الإنترنت بنسب عالية عند وصول عتبة الاستهلاك لحدود معينة لكل سرعة.
ومع اللحظات الأولى لنشر صور القرار عبر الانترنت “المزمع تقنينه”، بدأ السوريون عبر تعليقاتهم ومنشوراتهم على صفحات التواصل، بكيل الغضب والتندر على القرار، الذي وصفوه بال “انارييه” للوراء، وبعنوان عريض ومكرر مع كل قرار تقنيني “ضل الهوا ما تقنن”.
وجاءت حملة الغضب من القرار كبيرة نسبيا مقارنة بتفاعل السوريين مع قرارات تقنين الغاز، او الرفع الجزئي للدعم عن البنزين، كون قطاع الإنترنت يمس بشكل مباشر جميع شرائح السوريين بمختلف فئاتهم العمرية، والإجتماعية.
ولأن البطاقة الذكية ضربت عقول السوريين، من خلال تواجدها في مختلف نواحي حياتهم، كانت أول ما خطر على بالهم عند اطلاعهم على فحوى القرار، فتعددت التعليقات التي تحدثت عن تحديد مخصصات مدعومة لكل سوري من سرعات الانترنت، وعن وجود نت مؤسسة ونت حر بالسعر العالمي، كما يحصل مع البنزين والسكر والرز وغيرها، من “حلفاء” البطاقة الذكية من المواد.
وتساءل أحد المعلقين”هل سيكون هنالك طابورا لشراء “غيغات” الانترنت، التي يمكن الحصول عليها بعد نفاذ مخصصات كل سرعة، وهل سننتظر رسالة من تكامل تخبرنا عن ضرورة شراء الغيغات من مختار الحي خلال 24 ساعة، وإلا تتحول إلى باقة رسائل قصيرة؟”.
في حين تمنى آخر أن “يسهم القرار في تحسن خدمة الإنترنت، لتتمكن شركة “تكامل”، من تنظيم دور الغاز بدون فوضى، وتنجز تسجيل بيانات المواطنين لديها بسلاسة، من دون “ضعف نت يسبب ضغط على الشبكة”.
وعبر بعض المعلقين عن استيائهم من القرار من خلال الإشارة إلى سرعة الإنترنت الحالية، والتي قالو إنها لاتصل بأحسن حالاتها لأكثر من 40% من القيمة المعلنة، فهل ال1 أو 2 ميغا فعلية حتى تخفض، وكيف ستكون عندما تكون السرعة “المعلنة” 256 كيلو، مشيرين إلى ان الدول الأوروبية التي تطبق القرار تصل فيها سرعات الانترنت الحقيقية إلى 30 ميغا .
وذكر أحد المعلقين أن “القرار جاء كما ذكرت الوزارة لتقييد استنزاف الانترنت وضبط استخدامه لأغراض تجارية، فهل سيكسر تسعير الغيغا ب30 ليرة في باقات ما بعد الإستهلاك المتاح، ميزانية من يستخدمه لأغراض تجارية، ويجعله يحد من “استنزاف النت”؟.
و كتب آخر “لطالما نفيتم نيتكم تحديد باقات الإنترنت، ولطالما نفيتم نيتكم سابقا رفع سعر البنزين، ولطالما نفيتم وجود أزمة غاز، والنتيجة عكس النفي، فكيف سنصدقكم وأنتم تؤكدون ان الخبز متوافر وسيبقى بعيدا عن البطاقة الذكية، “منجيب أبو شهاب اللي شكلين ما بيحكي؟”.
وناشد أحدهم ساخرا وزارة الأوقاف التدخل لحث زميلتها وزارة الإتصالات التراجع عن تخفيض سرعات الإنترنت، قائلا “قلولن زكاتك لا تخفض غيغاتك، لأن بكرا رح نضطر نكذب عالضيوف ونقلن الراوتر معطل مافي “باسوورد”، وانتو ما بترضو بالكذب، ولا بقطع صلة الرحم”.
وحملت إحدى المعلقات وزارة الإتصالات مسؤولية الخلافات الأسرية التي ستحدث بين أفراد المنزل الواحد، جراء القرار، “فكل أخ سيحمل اخوه مسؤولية نفاذ الرصيد، وكل أم “ستفش خلقها” بفيش الراوتر، بكل ضمير مرتاح منذ بداية اذار، والحجة قوية “عم وفر النت ليضاينكم”.
ورأى آخر أن وزارة الكهرباء تقف بقوة وراء القرار، “لأنه ومن خلاله سيجد الكثير من السوريين في التقنين، فرصة سانحة لتوفير الكثير من الغيغات لآخر الشهر، والمساهمة في الحفاظ على الباقة المتاحة، بإسهامه بقطع الإنترنت، وعندها سيكون التقنين الصديق الوفي لهم”.
وانتقد كثير من المعلقين كلام مدير الهيئة الناظمة للاتصالات منهل جنيدي عن ضرورة تحميل الفيديو، بدل مشاهدته عدة مرات، ما يسهم في صرف ميغات، واعتبر أحدهم أن “كلامه يعبر عن تدخل في أبسط تفاصيل حياة السوريين، وما ضل إلا يحددو كم لايك متاح إلنا باليوم”.
ورأى الكثير من المتفاعلين بغضب مع القرار، أن الأمر ليس فقط تقنينا للتسلية والترفيه، فهنالك أعمال ومشاريع ستضرر من خلال تقييد النت، سواء كانت هندسية أو طبية أو تكنولوجية، وحتى حلقات البحث، والدراسة في الجامعة الإفتراضية، والتعلم عبر الإنترنت، كل ذلك سيتراجع أكثر بفعل القرار الحالي.
وكتب آخر : ” بدل توسيع البوابة الدولية، لتحسين سرعة الإنترنت، يأتينا هذا القرار، ليعيدنا إلى رحمة الكافيهات وصالات الإنترنت، هل الإنترنت من أسباب الكورونا حتى يقيد بهذه الطريقة؟”.
وتداول السوريون منشورا يتحدث عن تعليمات خاصة بالحياة ما بعد 1 أذار موعد تطبيق القرار،
فشرح الطبخة للمغتربين يكون ب”مسج” عبر “الفيسبوك” وليس بمكالمة فيديو، و”الراوتر” ليلا كما سخان الماء لا يجوز أن يظلا يعملان والناس نيام، والمباريات تتابع في الأستاد أو في المقهى، واللعب في صالات البلايستيشن، ويفضل تعلم المنقلة وطاولة الزهر والشدة للترفيه بدل “الببجي”.
يذكر أن العالم يتجه اليوم نحو الإنترنت المجاني والمفتوح بخطوات متسارعة، حيث تعتزم شركة “جوجل” على التعاون مع مؤسسة “سبيس إكس” SpaceX الأمريكية لتكنولوجيا الفضاء، وذلك لتنفيذ مشروع إطلاق أقمار صناعية إلى الفضاء لإنشاء شبكة اتصالات توفر إنترنت فائق السرعة ومنخفض التكلفة لأنحاء الأرض قاطبة.