شريان سورية الاقتصادي من حلب الى دمشق أصبح آمنا بالكامل وفتح امام المسافرين، بعد أن ضخ فيه الشهداء دمائهم الذكية، وطهروه من رجس الإرهاب الذي عاث فيه فسادا وقطع أوصاله منذ 2012.
هذا الشريان الذي يعرف عالميا باسم طريق “M5” يكتسب أهمية استراتيجية واقتصادية كبيرة كونه الأطول في البلاد ويبلغ طوله نحو 432 كيلومترا، ويعتبر طريقا أساسيا للاستيراد والتصدير، والذي يربط أبرز مدن سوريا ببعضها البعض، من حلب العاصمة الاقتصادية شمالا مرورا بحماة وحمص في الوسط ثم دمشق ودرعا جنوبا وصولاً إلى الحدود السورية ـ الأردنية.
فتح هذا الشريان تطلب قرارا سوريا حاسما بعد أن رفضت تركيا "الضامنة للجماعات المسلحة" الإلتزام بوعودها التي نصت عليها اتفاقيتي سوتشي واستانا باستعادة حركة الترانزيت عبر الطريقين " M4 "حلب ـ اللاذقية، و"M5" حلب ـ حماة بحلول نهاية 2018".
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2019 صدرت أوامر القيادة السورية للجيش والقوات المسلحة بفتح هذين الطريقين بالقوة وتحرير أرياف ادلب وحماة وحلب من الجماعات المسلحة، التي لم تلتزم بالاتفاقيات التي وقعها ضامنها التركي، وواصلت خروقاتها باستهداف المدنيين الآمنيين في حلب وحماة، وحتى نقاط الجيش السوري لم تسلم من إجرامهم.
آلة الحرب السورية بدأت بتطهير المناطق تباعا وفقا للخطة المرسومة لها في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، بدعم من القوات الحليفة التي تساندها برا وجوا، وعلى المقلب الآخر بدأت تتهاوى خطوط الجماعات المسلحة وتنهار امام الضربات السورية، واستمر هذا الحال حتى تمكن الجيش السوري وحلفائه من تحرير طريق حلب – حماة بالكامل، عندها قرر الضامن التركي الزج بقواته ليمنع انهيار الجماعات المسلحة التي يدعمها، مهددا باستهداف الجيش السوري إن لم ينسحب من المناطق التي حررها ويعود الى ما وراء نقاط المراقبة التركية.
القوات السورية واصلت تقدمها ولم تصغي للفقاعات الصادرة من الشمال حسبما وصفها الرئيس السوري بشار الأسد، ليبادر التركي بالزج بجنوده في المقدمة مرسلا التعزيزات والآليات العسكرية، التي سرعان ما بدءت تتحول الى حطام وركام تحت ضربات الجيش السوري.
الرئيس التركي رجب طيب اردوغان رفع سقف تهديداته لدمشق أكثر وأكثر، إلا انه سرعان ما أدرك انه سقفه يكاد يهوي فوق رأسه بعد أن رفض حلفاؤه في الناتو مساعدته وكثرت خسائره في الميدان دون أن يغير شيئا على أرض الواقع.
وكعادته لجأ الى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مرة آخرى ليعقد معه صفقة تحفظ ماء وجهه، فكان الاتفاق الروسي التركي في موسكو في الخامس من شهر آذار الحالي الذي فرض على اردوغان قبول الوقائع الميدانية الجديدة، والالتزام بوحدة الأراضي السورية وحتمية إيفاء تركيا بتعهداتها السابقة بتحييد المعارضة المصنفة إرهابية عن المعارضة المعتدلة، فضلاً عن الإصرار على ضمان سلامة الطريقين الدوليين و M 4و M5
وهكذا تكون معركة الواحد وخمسين يوما التي خاضها الجيش السوري وحلفاؤه قد انتهت، بعد أن تكللت بتحرير 276 مدينة وبلدة وقرية في محافظات إدلب وحماة وحلب.
اضافة الى قتل 1138 ملسحاً من المجموعات المسلحة و73 جنديا من القوات التركية بنيران الجيش السوري وحلفاؤه، حسبما ذكر المرصد السوري المعارض.