في وقت لا يزال فيه اتفاق وقف إطلاق النار في إدلب السورية ومحيطها صامداً، طرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان على روسيا مشروع تسوية جديدة تقوم على التشارك في إدارة حقول النفط في محافظة دير الزور بدلاً من سيطرة المسلحين الأكراد عليها حالياً، ذلك في موازاة توسيع المشاورات التركية الأوروبية للوصول لحل لأزمة اللاجئين السوريين.
وأعلن أردوغان أمس، في تصريحات للصحافيين على متن طائرته أثناء العودة من بروكسل، أنه طلب من بوتين التشارك في إدارة حقول النفط في دير الزور بدلاً من "استغلال الإرهابيين" لها. وأكد أنّ وقف إطلاق النار في منطقة خفض التصعيد بإدلب يسير بشكل جيد على الرغم من أنه مؤقت، آملاً أن يدوم كذلك ويتحوّل إلى وقف إطلاق نار دائم. ورداً على سؤال حول إمكانية شراء بلاده منظومة "باتريوت" من الولايات المتحدة، قال أردوغان إن بلاده عرضت على واشنطن شراء المنظومة، وأنقرة تنتظر رد الأميركيين.
من جهته، شدد وزير الخارجية التركي مولود جاووش أوغلو، أمس، على ضرورة تعامل الولايات المتحدة والدول الأوروبية كحليف صادق ودائم مع تركيا، لافتاً في هذا السياق إلى حاجة تركيا لمنظومة الدفاع الجوي "باتريوت". وأضاف: "الأميركيون صرحوا بأنهم سيوفرون دعما استخباراتيا وبريا لتركيا في ما يخص الأوضاع في إدلب، وبإمكانهم نشر منظومة باتريوت على الحدود"، مستطرداً "وجود منظومة "إس 400" الروسية في تركيا لا يعيق نشر منظومة باتريوت، فتركيا بحاجة لمنظومة دفاع جوي". وأعلن أن تركيا انتقلت إلى مرحلة جديدة من الحوار مع الاتحاد الأوروبي، زاعما أن عهد المماطلة انتهى وسيتم رسم خارطة طريق مع الاتحاد الأوروبي بشأن اللاجئين.
ويعني كلام الوزير التركي حول اتفاق موسكو الموقّع الخميس الماضي، بقاء الوضع الميداني الراهن على ما هو عليه، مع خسارة فصائل المعارضة للجزء الجنوبي المتبقي لها في "منطقة خفض التصعيد"، جنوب طريق حلب-اللاذقية (إم 4)، بالإضافة إلى خسارتها كافة المناطق التي سيطر عليها الجيش السوري في الجنوب والشرق، مع الاحتفاظ بمساحة تمتد على طول الطريق المذكور المار من إدلب، بعمق حوالي 30 كيلومتراً تبدأ من الحدود التركية-السورية وصولاً إلى "إم 4".
ويعني ذلك أيضاً، أن الدولة السورية والروس، ومعهم الإيرانيون، سيستمرون في سيطرتهم على الطريق الدولي "إم 5" (حلب-دمشق) وكل المناطق الواقعة على جانبي الطريق، من سراقب شرقي إدلب وحتى مورك في الريف الشمالي من حماة، مروراً بمدن وقرى هامة كمعرة النعمان وخان شيخون وعشرات القرى بين الريفين الجنوبي والشرقي من إدلب، والشمالي والغربي من حماة، بالإضافة لمناطق جبل الزاوية جنوب إدلب وسهل الغاب غربي حماة. فيما يُتوقع بقاء السيطرة عند خطوط التماس على حالها في ريف حلب الغربي، الذي حرر الجيش السوري أخيراً جزءاً واسعاً من مساحته خلال المعارك الأخيرة، والتي كانت تحت سيطرة المعارضة والمشمولة ضمن "منطقة خفض التصعيد"، فيما تبقى مساحة مقتضبة تحت سيطرة المعارضة من ذلك الريف، ولا سيما مدينتي دارة عزة والأتارب ومحيطهما، على تخوم الريف الشمالي الشرقي من محافظة إدلب.
في غضون ذلك، تناقش الولايات المتحدة مع شركائها في حلف شمال الأطلسي الإجراءات التي قد تُتخذ حول التعامل مع تركيا في الشأن السوري، واستبعد المبعوث الأميركي الخاص إلى سورية جيمس جيفري، خلال مؤتمر صحافي عبر الهاتف من بروكسل أمس، حيث يجري محادثات مع الحلفاء وكان يتحدث وبجانبه السفير الأميركي في تركيا ديفيد ساترفيلد، استبعد استخدام القوات البرية في حال انتهاك وقف إطلاق النار، وأكد حاجة أنقرة لتوضيح موقفها من شراء منظومة الدفاع الصاروخي الروسية "إس 400".
ميدانياً، بدأت الورش الفنية التابعة للدولة السورية أمس في إزالة السواتر والعوائق على مدخل الطريق الدولي "إم 4" من جهة اللاذقية تمهيداً لوضعه في الخدمة، وفق وكالة "سانا".