كشفت صحيفة "ديلي بيست" الأمريكية، عن وجود شبكة تضم 19 شخصية وهمية، نشطت العام الماضي، في مواقع التواصل الاجتماعي عبر ضح عشرات المقالات والمنشورات، للإشادة بالإمارات، وفي المقابل الهجوم على تركيا وقطر وإيران ومجموعات في العراق ولبنان.
وقالت الصحيفة في تقرير ترجمه موقع عربي 21 إن شخصية تدعى رافاييل باداني، تقدم لك نظرة دقيقة عن الوضع في الشرق الأوسط، وأفكار حول كيفية التخلص من النفوذ الإيراني في العراق، وجذب الاستثمارات، وعن واحة الاستقرار في دبي، لكن مستشار المخاطر الجيوسياسية ومصمم المحاكاة التفاعلية، والمحلل في العلاقات الدولية، ليس سوى شخصية وهمية.
ولفتت إلى أن باداني، كتب في وسائل إعلام أمريكية محافظة، مثل واشنطن إكزامينر ، وريل كلير ماركت، وكان صاحب عمود مقالات في "ماكس نيوز"، لكن صورته كانت مسروقة من مدونة لمؤسس شركة بسان دييغو، وملفه الشخصي في موقع "لينكد إن"، الذي يقول إنه خريج جامعة جورج واشنطن، كان وهما كذلك.
ويعد باداني جزءا من شبكة تضم 19 شخصية وهمية، نشطت العام الماضي، بنشر أكثر من 90 مقالة، و46 منشورا مختلفا، كلها تشيد بالإمارات وتهاجم قطر وتركيا، وبعد تحقيق "ديلي بيست"، قام موقع "واشنطن إكزامينر"، بعملية تحقيق، أزال خلالها مقالة كتبت لهذا الاسم، وكتب المحرر ملاحظة أنه "تمت إزالة هذا المقال بعد تحقيق في المصدر والمؤلف".
وأشارت الصحيفة إلى أن موقع تويتر، علق حساب باداني، مع 15 آخرين، بعد أن شاركت "ديلي بيست"، نتائج تحقيقها مع موقع التواصل الاجتماعي، بشأن "التلاعب بالمنصة والرسائل غير المرغوب فيها".
وقال متحدث باسم تويتر لـ"ديلي بيست"، إنه باستخدام التكنولوجيا والمراجعة البشرية، والشراكات مع الباحثين والمنظمات المستقلة، نعمل على تحديد التلاعب بالمنصة واتخاذ الإجراءات اللازمة، وفي حال وجود أدلة معقولة لأي نشاط أو عمليات مدعومة من الدول، فسوف نكشف عنها بعد تحقيق شامل".
من جانبه قال مارك أوين جونز، الأستاذ المساعد في جامعة حمد بن خليفة في قطر، إنه "لوحظ لأول مرة ليس مشاركات مشبوهة، لأعضاء في تويتر، أو أخبار مزيفة، بل صحفيين مزيفين".
ونشطت شبكة الأشخاص الوهميين، في كتابة مقالات لمهاجمة قطر وإيران، في وسائل إعلام بأمريكا الشمالية، وكذلك إسرائيل، مثل جيروزاليم بوست، والعربية، وصحف آسيوية مثل ساوث تشاينا مورنينغ بوست.
وارتبطت الشبكة معا بحسب "ديلي بيست"، بسلسلة أنماط سلوكية مشتركة، برزت في موقعين، هما العين العربية وفارس الآن. وأنشئت حسابات عبر تويتر في آذار/مارس، ونيسان/أبريل 2020، وقدم أصحابها أنفسهم على أنهم مستشارون وسياسيون وصحفيون مستقلون، يقطنون في أوروبا، وكذلك أوراق اعتماد أكاديمية ومهنية، مسروقة ومزورة من أجل خداع عملية البحث، وجرى تضخيم أعمالهم.
وبحسب الصحيفة، فإنها تعود أقدم مقالة للشبكة، إلى تموز/يوليو 2019 وقام بتأليفها لين نغوين، وهو محلل مزيف في الأمن الإقليمي لجنوب آسيا، بحسب ما وصف به نفسه، ونشط في الحديث عن قضايا شرق آسيا، وخاصة اقتصاد هونغ كونغ في ظل جائحة فيروس كورونا.
ولفتت إلى أنه سرعان ما نمت الشبكة، وركزت نشاطها على الشرق الأوسط، وفي شباط/فبراير، سجل موقعان على الإنترنت باسم عين عربية وفارس الآن. وحصلا على مشاركات ومساهمات.
ووصف موقع عين عربية نفسه، بأنه "حصن ضد الأخبار الوهمية والروايات المتحيزة"، لكن المثير للسخرية بحسب الصحيفة، هو أن الموقعين يتشاركان نفس الحساب في "إحصاءات غوغل" إضافة إلى أن استضافتها على رمز "آي بي" واحد، ويرتبطان برموز تشفير مشتركة، وعلى غرار كافة الشخوص فيها، تبدو المواقع أيضا مزيفة.
وقالت "ديلي بيست"، إن موقع فارس الآن، لديه عنوان بريد وهمي في لندن، ورقم هاتفه لا يرد، والمحرران الظاهران باسمي شريف أونيل وتيمور هول، لا أثر لهما أو سجلات على الإنترنت أو أعمال صحفية.
وغلبت على مشاركات الموقعين المزيفين، مقالات وأخبار، تهاجم قطر وقناة الجزيرة، والدعم التركي للجيش الليبي التابع لحكومة الوفاق. وبدت الخطوط التحريرية ثابتة مثل المطالبة بفرض مزيد من العقوبات على طهران، أو استخدام النفوذ الدولي، لإضعاف حلفاء إيران في لبنان والعراق، والضيوف دائما من كبار المعجبين بالإمارات و"مرونتها المثالية، وتصديها لوباء كورونا، وعلاقاتها الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي، فضلا عن دعمها المساواة بين الجنسين عبر أكسبو دبي2020".
وعرجت الشخصيات الوهمية على تعيين توكل كرمان في مجلس إدارة فيسبوك، والحملة السعودية الإماراتية المصرية، ضد اختيارها، بوصفها عضوا سابقا في حزب الإصلاح اليمني المرتبط بجماعة الإخوان المسلمين.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن الحسابات على تويتر، لأعضاء الشبكة، لم تنجح في الحصول سوى على عشرات المتابعين، لكن من بينهم متابعات رفيعة مثل جويس توليدانو المحللة الناشطة في مهاجمة قطر، وريان فورنييه أحد أبرز داعمي ترامب.
واستخدمت الحسابات مزيجا من الصور الرمزية المسروقة، أو التي تمت فبركتها بواسطة برامج تصميم، وسير ذاتيه مزيفة لتبدو معقولة أكثر.
ولجأ حساب باداني إلى سرقة صورة رجل أعمال حقيقي، في سان دييغو، كما قام بسرقة صورة زوجته من فيسبوك، ونشرها في عمود باداني نيوز ماكس، الذي نشرت عليه مشاركاته.
وأضافت، أن شخصية ميكائيل فيرتانن وهو رجل أعمال فلندي مزيف، كتب عن الشرق الأوسط خدمة لإسرائيل، سرق صورة من قاعدة بيانات صور مجانية، فضلا عن ظهور شخصية محلل فيتنامي في شركة استشارات مالية بسنغافورة بصور مسروقة.
ولجأ سارقو الصور إلى إجراء عمليات عكس لها وتلاعب بها، من أجل تصعيف عمليات البحث عن الصور الأصلية في غوغل.
وقالت الصحيفة: إن الشخصيات المزيفة التي ظهرت بصور عالية الدقة، كلها أجريت عليها عمليات تلاعب عبر برامج تصميم، لكن هناك نقاط خلل بها، مثل أذن شكلها غريب دون أي ثنيات لشحمة الأذن، وشخص ظهر بثلاثة أسنان غير متطابقة في فمه، حيث يجب أن يكون هناك أربعة أسنان وغيرها.
ونقلت الصحيفة عن الدكتور ليونارد كوندل، طبيب الأسنان الذي وافق على مراجعة الصورة الرمزية لشخصية تدعى "لابا"، قوله إن "هذا الفم إما مزيف أو لديه قصة أسنان حزينة وراءه، الثالث من المركز لا يبدو حقيقيًا بالنسبة لي. وإذا قارنته مع الجانب الآخر من الفم فهو لا يبدو حقيقيا".
وقال كوندل: "بالإضافة إلى ذلك، فإن الأسنان الأمامية لا تبدو وكأنها تنتمي إلى هذا الفم. كلاهما أضيق مما ينبغي وما هو أكثر قليلاً إلى الأمام وأكثر بياضًا ونصوعا".
وقالت الصحيفة الأمريكية إن المعلومات الشخصية، التي استخدمها أعضاء الشبكة، زائفة أيضا، وتظاهر بعضهم بأنهم صحفيون أو مستقلون، مثل سلمى محمد، التي قالت إنها كانت مراسلة سابقة لوكالة أسوشييتد برس في لندن، رغم عدم وجود سجل عام لدى الوكالة الأمريكية، يفيد بوجود اسم مطابق لسلمى محمد.
وأشارت إلى أن صحفية إيرانية تدعى أماني شاهان، تكتب في "ديلي بيست"، نافية أن يكون أي شخص بهذا الاسم كتب في الصحيفة التي أجرت التحقيق.
ولفتت إلى فضيحة أخرى، للشبكة الوهمية، وهي الحديث عن أوراق اعتمادهم الأكاديمية، وبالعودة إلى الجماعات التي زعموا التخرج منها، نفت تلك الجماعات وجود هذه الأسماء ضمن قواعد بياناتها.
(يني شفق)