مشهد يوم الثلاثاء 18 آذار 2020، وفي غمرة انشغال العالم بأخبار فيروس كورونا دون سواه، رحيل العالم الفيزيائي السوري محمد البغدادي، بعد مسار حافل بالبحث والتّدريس في مجال الفيزياء النظرية، وبعد دفاع طويل عن تدريس هذا العلم باللغة العربية.
عاش الأكاديمي السوري في المملكة المغربية، حيث عمل خبيراً لدى منظمة اليونسكو في مهمّة، قبل أن يستقرّ بالمملكة، ويؤسّس فيها أوّل مختبر للفيزياء النّظرية بكلية العلوم في جامعة محمد الخامس بالرباط.
وكان من مؤسسي القسم العربي الذي درّس موادّا علمية باللغة العربية، في المدرسة العليا للأساتذة.
درّس البغدادي كذلك في جامعة دمشق، وألّف وترجم باللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والعربية في مجال الفيزياء النظرية وتاريخ وفلسفة العلوم.
من أبرز كتبه موسوعة “أسس الفيزياء المعاصرة”، في أجزاء خمسة باللغة العربية، تغطي “كل ما يتطلّبه الفيزيائي المتشبّع بالرياضيات لإتمام دراسته، والانفتاح على ما بعد السنوات الخمس الأولى من التعليم الجامعي”.
وضع محمد البغداد لموسوعته أهدافا منها: الأخذ بيد القارئ المبتدئ والوصول به إلى عمق المفاهيم والقوانين الفيزيائية المعروفة في مختلف الفروع، من وجهة نظر تؤمن بوحدة الفيزياء.
وقال مؤلف أول موسوعة بالعربية في الفيزياء النظرية الدك، في إحدى لقاءاته، إنه “لا يمكن توطين العلم في أي بلد إلا بلغته، ودعا إلى التفريق بين لغة التدريس ولغة البحث العلمي، فالتدريس -بحسبه- في كل بلاد العالم يتم باللغة الوطنية، ولا يوجد بلد مهما كان صغيرا إلا ويدرس بلغته، في حين أن لغة البحث العلمي المتداولة حاليا هي اللغة الإنجليزية”.
ولفت البغدادي إلى أن “اللغة العربية اليوم تعيش حالة انحطاط كبير جدا، متسائلا “هل نريد الخروج من هذا الانحطاط أو أن نغرق فيه أكثر فأكثر؟”.
وأضاف “عندما نقول ونعتقد أن لغتنا لا تصلح للعلم، فهذا يعني أننا أيضا لا نصلح ولن نفهم هذا العلم، وهذه التمثلات الذاتية موجودة للأسف”.
يذكر أن العالم السوري الراحل من مواليد مدينة دمشق عام 1930، وأتم فيها دراسة الحقوق، ثم أرسل في بعثة دراسية إلى فرنسا حيث قام بدراسة الرياضيات، وتابع شغفه في الرياضيات والفيزياء.