رغم ما جلبه العام 2020 لكوكب الأرض من كوارث حتى الآن، يقول المؤرخون إنه ليس العام الأسوأ في تاريخ البشرية، لكن عام 536م أو ما يطلقون عليه “عام السماء السوداء”، هو الأصعب.
في أوروبا، وآسيا، وأمريكا الجنوبية، جاء العام 536 ليكون بمثابة اختبار قاس لقدرة البشر على التعافي، والرغبة في البقاء، فقد أعلنت الطبيعة في تلك المناطق الحرب على الإنسان بكل السُبل تقريبًا، وتركته خائفًا وجائعًا ومريضًا.
الكوارث الطبيعية التي حاصرت سكان، أوروبا، وآسيا، وأمريكا الجنوبية، احتاجت ما يزيد عن 100 عام حتى يستطيع البشر التعافي منها، حسب ما ينقل موقع “ساسة بوست”.
ووصف المؤرخ البيزنطي ” بروكوبيوس” ذلك العام”وقال” كانت الشمس تشرق دون سطوع مثل القمر، خلال هذا العام بأكمله، وكأنها في كسوف دائم، لم تصل أشعتها للأرض وتركتها للأوبئة والموت”.
بدوره الكاتب البيزنطي “ميخائيل السوري” يذكر في إحدى كتاباته هذا الظلام قائلًا: “مرت الشمس بكسوف دام 18 شهرًا، ولم يكن هناك ضوء للشمس سوى ثلاث ساعات صباحًا، ولكنه كان ضوءًا ضعيفًا لا يشبه النهار الذي نعرفه، ولا حتى الليل”.
ومن دراسة خبراء الجيولوجيا للأرض في هذه المنطقة، اكتشفوا دليلًا على انفجار بركان هائل قد يكون هو المتهم في ترسيب الرماد في السماء والذي أدى بدوره إلى الظلام الذي دفع المؤرخين لتسمية هذا العام بعام السماء السوداء.
و كان لعدم وصول آشعة الشمس للأرض تأثيرا سلبيا على المناخ والزراعة، فلم تنمُ المحاصيل وانخفضت درجة الحرارة ووصلت حتى درجتين مئويتين، ومن هنا جاءت الكارثة الأخرى التي واجهت شعوب منطقة البحر المتوسط وأوروبا وآسيا في هذا العام، وهي المجاعة.
فلم تنتج الأرض الغذاء الكافي من أجل بقاء البشر، ولم تصل الفاكهة والخضروات لمرحلة النضج وأصبحت الأرض بورًا، وعانت من المرض سنوات طويلة بسبب غياب أشعة الشمس عنها.
وشهد ذلك العام أيضاً انتشاراً للطاعون، ويذكر المؤرخون أن اليوم الأول فقط راح ضحيته 5 آلاف شخص، واليوم التالي مات ضعف هذا العدد، واليوم الرابع وصل رقم الضحايا إلى 18 ألف ضحية، حتى وصل عدد الضحايا إلى 300 ألف وتوقفوا عن العد.
ولم يستثن هذا الوباء أحدًا، فبدأ بمهاجمة الفقراء، ثم التجار، ومن بعدهم النبلاء في القصر الإمبراطوري، ومن كثرة جثث الضحايا لم يكن متاحًا دفنهم جميعًا، فألقيت العديد من الجثث في البحر.
وكان لآسيا نصيب من هذا العام الحزين على كوكب الأرض، وسجلت المصادر التاريخية سقوط مادة تشبه الرماد الأصفر من السماء على الصين، وحتى الآن لم يتوصل العلماء إلى طبيعة تلك المادة التي لوثت الطبيعة في الصين في الشهور الأخيرة من عام 536.
وتسبب تلك المادة في التغير المناخي الجذري في الصين، وتساقط الثلوج الكثيفة خلال أشهر الصيف في العالم التالي، وعانى الصينيون من الصقيع في منتصف الصيف.
ما أدى إلى دمار المحاصيل الزراعية، والتي أدت بدورها إلى مجاعة على نطاق واسع في الصين، واستمرت لعامين تقريبًا، توفى فيها ما يقرب من 70% من سكان الصين، إلى جانب هلاك العديد من الحيوانات والطيور.
على الرغم من الخوف الذي يعيشه الكوكب الآن من فيروس كورونا ، إلا أن هناك ميزة يتمتع بها العالم الآن في 2020 لم يتمتع بها البشر في عام 536، فلم تكن هناك وسائل إعلام تخبرهم بآخر مستجدات الوباء وطرق الوقاية منه.
ولم يكن هناك خبراء طقس يوضحون لهم أسباب الظلام الذي سيطر على السماء، فكان الرعب من المجهول أقوى في قلوبهم من الرعب الذي يواجه الكوكب الآن.