دفعت ظروف الحجر الصحي الذي يعيشه السوريون هذه الأيام، مجموعة من الشباب إلى إنشاء مجموعة في “فيسبوك”، باسم “موسيقى الحجر الصحي”، جمعت الكثير من المواهب الموسيقية واستطاعت خلال أسبوع استقطاب أكثر من 26000 عضو.
وبيّن مُنشئ الصفحة في تعريفها أن العنوان مستوحى من اسم موسيقى الحجرات، ولكن بشكل يلائم الوضع الراهن، وهو فرصة لعرض الابداعات الموسيقية (عزف أو غناء) أثناء البقاء في المنزل”.
واشترط أن تكون الفيديوهات المرسلة تخص من يطلب مشاركتها في المجموعة حصراً، حتى ولو كانت قديمة، مع منع الكلام في السياسة والدين أو الإساءة لأي مشارك مهماكان مستوى مشاركته.
وتمكنت المجموعة من خلال جو الألفة الذي بثه المشاركون، من تخفيف الملل والضغط الذي تتركه متابعة آلاف الأخبار والشائعات عن المرض وكل ما يتعلق به، والتي تغزو “فيسبوك” حالياً، وإبراز جانب لطيف للبقاء في المنزل لوقت طويل.
وتفاوتت المواهب التي عبر عنها أصحاب مقاطع الفيديو المشاركة في الصفحة، والتي تعود في غالبيتها لشباب لديهم هواية في العزف والغناء، بين تلك المميزة والتي تعكس موهبة حقيقة، وأخرى متواضعة، لكنها تضفي جوا من المرح وتساعد على نشر التفاؤل وبعض الفرح لدى المتابعين.
بملابس منزلية بسيطة، ودون تكلف، انطلقت آلاف الحناجر لتعبر عن نفسها، من خلال العالم الافتراضي، لايحظى الكثير منها بفرصة مماثلة على أرض الواقع، ربما لأسباب اجتماعية أو غيرها، لكن ظروف الحجر الصحي والبحث عن الترويح عن النفس، أعطاها هذه الفرصة.
وكان للأطفال نصيب كبير في المشاركة واظهار مواهبهم في العزف والغناء والرقص في بعض الأحيان، كما عكس جواً من الألفة العائلية من خلال مشاركة الأخوة في الغناء والعزف، وتشكيلهم فرقاً “بيتية” لطيفة.
وحظي عدد كبير من المشاركين بدعم معنوي وتشجيع من المتابعين، يساهم إلى درجة كبيرة في التخفيف من ضغط البقاء في المنزل وتعطل الكثيرين عن أعمالهم وأنشطتهم اليومية.
وتعد “مهارة التخفيف عن النفس” شيئاً معروفاً في علم النفس، طوره السوريون خلال الفترة العصيبة التي يمرون بها، من خلال أنشطة عبر العالم الافتراضي، ومجموعات مشابهة للموسيقى والأفلام وغيرها.
وبحسب دراسات طبية فإن للغناء فوائد صحية جسدية ونفسية، وحتى اجتماعية، منها تعزيز المناعة، كما يساعد في تقوية عضلات الحلق والحنك.
الأمر الذي من شأنه الحد من مشاكل الشخير، ومتلازمة انقطاع النفس النومي، ويعدّ تمريناً فعالاً للرئتين، خاصة بالنسبة لكبار السن، وتظهر أبحاث طبية نجاعة الموسيقى كمسكن للآلام الجسدية.
أما عن الفوائد النفسية للغناء، فتظهر أبحاث أنه يساعد في تخفيف التوتر، واسترخاء العضلات، ويساعد على افراز “الإندروفين” في الدماغ، مما يسبب الشعور بالسعادة، إلى جانب رفع القدرة على التركيز وتحسن الذاكرة، نتيجة تحسن الدورة الدموية.
كما يعزز الغناء والموسيقى مهارات التواصل الاجتماعي، ويذيبان الحواجز بين الأفراد، ويخلقان جواً من الدفء تلقائياً، ويساعد على كسر حاجز الخوف وتعزيز الثقة بالنفس.