المعروف أن فئة الشباب هي الأقل التزاماً بقضاء وقت طويل في المنزل في الأحوال العادية، فهم إما في الجامعة أو المدرسة أو مع الأصدقاء، وإن تواجدوا في المنزل فهم يعيشون أجواءهم الخاصة بعيداً عن باقي أفراد الأسرة في أكثر الأحيان.
ومع ظروف الحجر الصحي والبقاء القسري لساعات طويلة في المنازل، بدأ البحث عن طرق لقضاء الوقت الطويل بعيداً عن الجامعة أو العمل أو اجتماعات الأصدقاء، فكانت الموسيقى والأفلام ودورات الأون لاين، أو حتى تعلم الطبخ وصناعة الحلويات، ومشاركة الأعمال المنزلية، فكيف يقيم الشباب السوري هذه التجربة؟
بالنسبة لفادي يازجي ( موظف، 35عاماً)، كان للحجر الصحي فوائد عديدة، حيث خفف من التوتر بين الناس، نتيجة قلة الاحتكاك في العمل والشارع والمواصلات، ورفع مستوى التسامح بينهم، فالخطر يقرب الناس ويجعلهم يتعالون على الصغائر” حسب تعبيره.
ويتابع شارحاً لتلفزيون الخبر” خففت قلة الاجتماعات من نسبة النميمة، التي تحولت إلى العالم الافتراضي لكن بدرجة أقل، وخففت كذلك من نسبة التلوث في الجو، بطريقة ملحوظة، وشخصياً ساعدنا الحجر في توفير بعض المصاريف مثل السير”.
ويقول زياد الحسين (طالب جامعي):” أكثر ما استفدت منه كان اعتيادي على الطعام المنزلي الصحي، فبحكم الدراسة في الجامعة كنا نعتمد على الوجبات الجاهزة، أما الآن أحسسنا بالفرق، إلى جانب توفير مصروف المطاعم والكافتيريات بشكل يومي”.
ويضيف إلى الفوائد التي لمسها ” أصبحنا أكثر اقتراباً من بعضنا البعض عائلياً، واستطعنا انجاز كثير من الأعمال المنزلية المؤجلة، إلى جانب الراحة التي كان الجميع بحاجة إليها، ولم نحظى بفرصة لها مسبقاً”.
أما اسماعيل شريدي، وهو عسكري في الجيش العربي السوري، لم يلمس فرقاً كبيراً بين فترة الحجر الصحي وما قبله، لكنه بات أقل اعتماداً على الطعام الجاهز، حيث يسعى للحفاظ على مناعة قوية من خلال طعام صحي أكثر”.
بعض الشباب، حاولوا الابتعاد عن التدخين، والاتجاه صوب التمارين الرياضية بعض الشيء، بالنسبة لحسن ( موظف، 30 عاماً) ” قررت مع بداية الحجر التخفيف من التدخين قدر استطاعتي، والعودة إلى ممارسة الرياضة في المنزل مع عائلتي، فكسبت توفيراً في المال والصحة”.
وعن توقعاته بمتابعة نظام صحي بعد انتهاء الحجر، يقول ” أتمنى ذلك، واليوم أشعر بأنني سأتابع، لكن عندما أعود إلى العمل وضغوطه وتعود الاجتماعات مع الأصدقاء في المقاهي، لاأعلم إذا كنت سأصمد”، يتابع ضاحكاً.
أما كارلا (طالبة في معهد)، فوجدت في الحجر الصحي فرصة لتعلم صناعة الحلويات التي تحبها، وهي مع ذلك تخشى زيادة الوزن المترتبة على بقاءها ساعات طويلة دون حركة تقريباً، مع زيادة كميات الطعام التي تتناولها، بسبب البقاء في المنزل والتفكير الدائم “ماذا سنأكل؟” الذي يسيطر على الجميع”.
وبالتأكيد ليست التجربة ذات فوائد بشكل مطلق لدى الجميع، حيث أشار الكثيرون إلى انزعاجهم مما فرضته ظروف الحجر، من عدم متابعة المحاضرات والدروس، والاشتياق لأصدقائهم، وحتى تعطل أعمالهم أو نوداي الرياضة وغيرها.